كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 1)
وكان الفضيل يقول: واسوأتاه منك، وإن غفرت!
وقال غيره: لو خيرت بين أن أبعث فأوقف بين يديه، ثم يأمر بي إِلَى الجنة، وبين أن لا أبعث لاخترت أن لا أبعث، ولا أريد الجنة!
وقال آخر: لو أمر بي من الموقف إِلَى النار لكان أهون عليّ من أن يقفني بين يديه ثم يأمر بي إِلَى الجنة!
قال أبو هريرة: يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيَسْتُرُهُ مِنَ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا، وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ كِتَابَهُ فِي ذَلِكَ السَّتْرِ فَيَقُولُ: اقْرَأْ يَا ابْنَ آدَمَ كِتَابَكَ، فَيَقْرَأُ، فَيَمُرُّ بِالْحَسَنَةِ فَيَبْيَضُّ لَهَا وَجْهُهُ، وَيُسَرُّ بِهَا قَلْبُهُ! فَيَقُولُ اللَّهُ: أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: إِنِّي قَبِلْتُهَا مِنْكَ، فَيَسْجُدُ فَيَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَعُدْ فِي كِتَابِكَ فَيَمُرُّ بِالسَّيِّئَةِ فَيَسْوَدُّ لَهَا وَجْهُهُ، وَيَوْجَلُ لَهَا قَلْبُهُ، وَتَرْعَدُ مِنْهَا فَرَائِصُهُ، وَيَأْخُذُهُ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ رَبِّهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ! فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ أَعْرِفُ، فَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ! فَيَسْجُدُ، فَلَا يَرَى مِنْهُ الْخَلَائِقُ إِلَّا السُّجُودَ! حَتَّى يُنَادِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: طُوبَى لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ اللَّهَ قَطُّ! وَلَا يَدْرُونَ مَا قَدْ لَقِيَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، فِيمَا قَدْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ.
أستغفِرُ الله ممّا يَعلمُ الله ... إنَّ الشَّقيَّ لَمَن لا يَرحَمُ الله
هَبهُ تَجَاوَز لِي عَنْ كُلِّ مَظْلَمَةٍ ... يَا سَوْأَتَا مِنْ حَيَاتِي يَوْمَ أَلْقَاهُ
ما أحلمَ الله عمن لا يُراقبُه ... كُلٌّ مُسيءٌ ولكن يَحلمُ الله
فاسْتَغفِرُ الله مما كان من زَللٍ ... طُوبى لمن كَفَّ عما يَكرهُ الله
طُوبى لمَن حَسُنَت سَريرتُه ... طُوبى لمَن يَنتهي عمَّا نهى الله
آخر الكلام عَلَى الحديث، والحمد لله رب العالمين وصلى الله عَلَى محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين.
***
الصفحة 366
814