كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 2)

أَبُو ذَرٍّ: قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ، فَقَالَ: وَاثْنَيْنِ. فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَدَّمْتُ وَاحِدًا.
قَالَ: وَوَاحِدًا، وَلَكِنْ إِنَّما ذَاكَ عِنْدَ الصَّدْمَةٍ الأُوْلَى» وفي الترمذي (¬1)، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَانِ مِنْ أُمَّتِي أَدْخَلَهُ اللَّهُ {بِهِمَا} (¬2) الجَنَّةَ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ منْ أَمْتَلِك؟ قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ أُمَّتِي يَا مُوَفَّقَةُ. قَالَتْ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: فَأَنَا فَرَطُ أُمَّتِي، لَنْ يُصَابُوا بِمِثْلِي».
ويشهد له قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر خطبة خطبها: "إني فرطكم على الحوض" (¬3) يشير إِلَى أنه يتقدمهم ويسبقهم إِلَى الحوض، وينتظرهم عنده.
وفي حديث مرسل خرجه ابن أبي الدُّنْيَا: "من مات ولم يقدم فرطًا لم يدخل الجنة إلا {تصْريدًا} (¬4). فقيل: يا رسول الله، وما الفرط؟ قال: الولد وولد الولد، والأخ يؤاخيه في الله -عز وجل- فمن لم يكن له فرط، فأنا له فرط" وفي حديث عبد الرحمن بن سمُرة، في ذكر المنام الطويل عن النّبي صلى الله عليه وسلم: "ورأيت رجلاً من أمتي {خف} (¬5) ميزانه، فجاءته أفراطه الصغار فثقلوا ميزانه".
وعن داود بن أبي هند قال: "رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن الناس يدعون للحساب، فقدمت إِلَى الميزان فوضعت حسناتي في كفة وسيئاتي في كفة، فرجحت السيئات عَلَى الحسنات، فبينا أنا كذلك مغموم، إذ
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد (1/ 334)، والترمذي (1062). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد ربه بن فارق.
(¬2) في "الأصل": "بهم" والمثبت من "سنن الترمذي".
(¬3) أخرجه البخاري (1344)، ومسلم (2296) من حديث عقبة بن عامر. وأخرجه البخاري (6589)، ومسلم (2289) من حديث جندب بن سفيان. وأخرجه البخاري (6583)، ومسلم (2290) من حديث سهل بن سعد. وأخرجه البخاري (6575)، ومسلم (2297) من حديث ابن مسعود.
(¬4) أي قليلاً: والتصريد في العطاء: تقليله. "اللسان" (3/ 249).
(¬5) في الأصل: "خفت".

الصفحة 397