وأول ما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ذكر العِلْم وفضله، وهو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (¬1).
وامتن على محمد - صلى الله عليه وسلم - بالعلم في مواضع، كقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (¬2).
وأمره أن يسأل ربه أن يزيده علمًا، فَقَالَ: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (¬3).
وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً" (¬4).
وامتن الله تعالى علينا أن بعث فينا هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي يعلمنا ما لم نكن نعلم وأمرنا بشكر هذه النعمة كما قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (¬5).
وأخبر سبحانه أنّه إنما خلق السموات والأرض ونزل الأمر إلا لنعلم بذلك قدرته وعلمه، فيكون دليلاً على معرفته ومعرفة صفاته، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} إلى قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (¬6).
ومدح الله في كتابه العلماء في مواضع كثيرة، وقد سبق ذكر بعضها، وأخبر أنّه إنما يخشاه من عباده العلماء، وهم العلماء به.
¬__________
(¬1) العلق: 1 - 5.
(¬2) النساء: 113.
(¬3) طه: 114.
(¬4) أخرجه البخاري (20)، ومسلم (2356) من حديث عائشة، وأخرجه البخاري (5063) من حدث أنس.
(¬5) البقرة: 151 - 152.
(¬6) الطلاق: 12.