كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 2)

فأمَّا من اتخذ أهلاً ومالاً يشغله عن الله تعالى، فهو خاسرٌ، كما قالت الأعراب: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا} (¬1).
وقال تعالى: {لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (¬2).
وقال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} (¬3).
قال الحسن وهو في جنازة: ابن آدم، لئن رجعت إِلَى أهل ومال، فإن الثوى فيهم قليل.
وفي حديث: "ابن آدم، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مَفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلاَقِيهِ، وَكُن كَيفَ شِئْتَ، وَكَمَا تَدين تُدان" (¬4).
فَإِذَا مات ابن آدم، وانتقل من هذه الدار لم ينتفع من أهله وماله بشيء، إلا بدعاء أهله له واستغفارهم، وبما قدَّمه من ماله بين يديه.
قال الله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (¬5).
¬__________
(¬1) الفتح: 11.
(¬2) المنافقون: 9.
(¬3) سبأ: 37.
(¬4) روي من عدة طرق:
حديث علي: أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4845).
وحديث جابر: أخرجه الطيالسي (1755).
وحديث سهل بن سعد: أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (746)، والحاكم في "المستدرك" (4/ 324 - 325)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 108)، والسهمي في "تاريخ جرجان" (83)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 253).
وحديث أنس: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (3/ 44).
(¬5) الشعراء: 88 - 89.

الصفحة 422