كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 1)

وخرجه الطبراني (¬1) ولفظُه: "إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّينِ يَأْتِيهُمُ الشَّيطَانُ يَقُولُ: لَو أَتَيتُمْ الْملُوكَ فَأَصَبْتُمْ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَاعتْزَلْتُمُوهُمْ بِدِينِكُمْ، أَلاَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنَ الْقَتَادِ إِلَّا الشَّوْكُ، كَذَلِكَ لَا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِمْ إِلَّا الْخَطَايَا".
وخرّجَ الترمذيُّ (¬2) من حديث أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الحَزَنِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا جُبُّ الحَزَنِ؟ قَالَ: «وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَدْخُلُهُ؟ قَالَ: «الْقَرَّاءُونَ الْمُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ».
وخَرَّجَ ابن ماجه (¬3) نحوه، وزاد فيه: "وَإنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللَّه الَّذِينَ يَزُورُونَ الْأُمَرَاءَ الْجَورَةَ".
ورُوى من حديث علي (¬4)، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوُه.
ومِنْ أَعظمِ ما يُخشى عَلى من يَدخلُ عَلَى الملُوكِ الظلمة أَن يُصدِّقَهم بِكَذِبهم، ويُعينَهُم عَلَى ظُلمهم ولو بالسكوتِ عن الإنكارِ عليهم، فإنَّ من يرُيدُ بدُخولهِ عليهم الشَّرفَ والرّياسةَ -وهو حريصٌ عليهم- لَا يقدمُ عَلَى الإنكارِ عليهم؛ بل رُبَّمَا حَسَّن لهم بعضَ أفعالهم القبيحة تقربًا إليهم لِيحسُنَ موقعُهُ عندهُم، ويُساعدُوه عَلَى غرَضِهِ.
وقد خَرَّج الإمامُ أحمدُ (¬5)، والترمذيُّ (¬6)، والنسائي (¬7)، وابن حبانَ في "صحيحه" (¬8) من حديثِ كعبِ بن عُجرةَ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيكونُ
¬__________
(¬1) في "الأوسط" (8236). قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن عمار.
(¬2) في "الجامع" (2383). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(¬3) في "السنن" (256).
(¬4) أخرجه العقيلي (2/ 241 - 242)، وابن عدي (4/ 139). وفي إسناده "أبي بكر الداهري" قال عنه العقيلي حدث بأحاديث لا أصل لها ويحيل عَلَى الثقات، وذكر العقيلي هذا الحديث منها.
وقال ابن عدي عن هنا الحديث: باطل.
(¬5) في "المسند" (4/ 243).
(¬6) في "الجامع" (2259). قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه.
(¬7) في "السنن الصغرى" (4207).
(¬8) كما في "الإحسان" (279، 282، 283، 285).

الصفحة 85