كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 3)

لقائي، وهل يسكن قلب المشتاق إِلَى غير حبيبه؟ أم هل يستريح المحب إِلَى غير من (يشتاق) (¬1) إِلَيْهِ؟ قال: فقلت: يا رب، تهت في حبك؛ فلم أدر ما أقول".
وروى أبو نعيم بإسناده عن عبد العزيز بن محمد قال: "رأي في المنام قائلا يقول: من يحضر، من يحضر؟ " فأتيته فَقَالَ لي: أما ترى القائم الَّذِي يخطب الناس ويخبرهم عن أعلى مراتب الأنبياء؛ فأدركه لعلك تلحقه وتسمع كلامه قبل انصرافه. فأتيته فإذا الناس حوله وهو يقول:
ما نال عبدٌ من الرحمن منزلةً ... أعلى من الشوق إن الشوقَ محمودُ
ثم سلم ونزل، (فقلت) (¬2) لرجل إِلَى جانبي: من هذا؟ قال: أما تعرفه؟! قلت لا. قال: هذا داود الطائي. فعجبت في منامي منه، فَقَالَ: أتعجب مما رأيت؟ والله (إن الَّذِي) (¬3) عند الله من الزلفى لداود أكبر من هذا وأكثر.
ومما قيل في وصف المشتاقين:
أنَّ من الشوق فلولا دمعه ... أحرق ما بين العُذيب والنَّقَا
واستعرت أنفاسه وإنَّما ... (تَلَهُّبُ) (¬4) الأنفاس من حَرِّ الجوى
مروا عَلَى وادي الغضا فقلَّوا ... من الجوى قلبي عَلَى جمر الغضا
...
¬__________
(¬1) في المطبوع: "اشتاق".
(¬2) في الأصل: "قلت" وما نقلته من المطبوع.
(¬3) في المطبوع: "للذي".
(¬4) في المطبوع: "تلتهب".

الصفحة 361