كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 3)

فصل ["الحياء والخوف من الله" (*)]
ومما يخافه العارفون فوات الرضا عنهم، وإن وجد العفو وترك العقوبة [فإن] (¬1) الرضا أَحَبّ إليهم من نعيم الجنة كله مع الإعراض وعدم التقريب والزلفى.
وقد قال سبحانه وتعالى: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72] يعني: أكبر من نعيم الجنة.
وفي الصحيح (¬2) عن النبي صلّى الله عليه وسلم [قال] (1): "إن الله يقول لأهل الجنة: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا: وما أفضل من ذلك؟! قال: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا".
وكان مطرف يقول: "اللهم ارض عنا؛ فإن لم ترض عنا فاعف عنا".
ورئي بعضهم في المنام فسئل عن حاله فَقَالَ: "غفر لي وأعرض عني وعن جماعة من أهل العِلْم لم يعملوا بعلمهم".
فالمحبون العارفون يخافون من مثل هذه الحال، وإنَّما يسألون الرضا من أول الأمر.
قال الفضيل: "من سأل الله رضوانه فقد سأله عظيمًا. وقال: لو أخبرت عن جبريل [وميكائيل] (¬3) وإسرافيل بشدة (اجتهاد) (¬4) ما عجبت، وكان ذلك قليلاً عند ما يطلبون (أتدري) (¬5) أي شيء يطلبون؟ وأي شيء يريدون؟
¬__________
(*) هذا العنوان ليس في الأصل وهو من تصرف محقق المطبوع.
(¬1) من المطبوع.
(¬2) أخرجه البخاري (6549)، ومسلم (2829).
(¬3) من المطبوع.
(¬4) في المطبوع: "اجتهادهم".
(¬5) في المطبوع: "أتدرون".

الصفحة 373