كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 3)

هنالك". خرجهما [إبراهيم] (¬1) بن الجنيد.
وخرج ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: قال أرميا [عليه السلام] (1): أي رب، أي عبادك أَحَبّ إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكرًا، الذين يشتغلون بذكري عن ذكر الخلائق، الذين لا تعرض لهم وساوس (العباد) (¬2)، ولا يحدثون أنفسهم بالبقاء، الذين إذا عرض لهم عيش الدُّنْيَا قلوه، إذا زوي عنهم سروا بذلك (أولئك الذين) (¬3) أبحت لهم محبتي وأعطيتهم فوق (غاياتي) (¬4) ".
وقال أحمد بن أبي الحواري: حدثنا رباح، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا موسى بن أبي الصباح "في قول الله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 243] قال: إذا كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولاية الله يقومون بين يدي الله -عز وجل- ثلاثة أصناف:
فيؤتى برجل من المصنف الأول فيقول: عبدي، لماذا عملت؟ فيقول: يا رب خلقت الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها وحورها ونعيمها وما أعددت لأهل طاعتك فيها، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقًا إليها! فيقول الله -تعالى-: عبدي، إِنَّمَا عملت للجنة، هذه الجنة فادخلها، ومن فضلي عليك أن أعتقك من النار. قال: فيدخل هو ومن معه الجنة.
قال: ثم يؤتى برجل من المصنف الثاني فيقول: عبدي، لماذا عملت؟ فيقول: يا رب، خلقت نارًا وخلقت سلاسلها وأغلالها وسعيرها وسمومها ويحمومها، وما أعددت لأعدائك وأهل معصيتك فيها، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري خوفًا منها! فيقول (الله) (1): عبدي، إِنَّمَا عملت ذلك خوفًا من النار
¬__________
(¬1) من المطبوع.
(¬2) كتب في هامش الأصل: "لعله الصدور".
(¬3) في المطبوع: "فأولئك".
(¬4) في المطبوع: "غاياتهم".

الصفحة 380