كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 3)

عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ... } الآية [الأعراف: 169] وقال: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23].
وعلى تأويل من تأول الآية عَلَى علم عند من أضله الله.
وأما العِلْم الَّذِي ذكره الله -تعالى- عَلَى جهة الذم له، فقوله في السحر: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102] وقوله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر: 83] وقوله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 7].
ولذلك جاءت السنة بتقسيم العِلْم إِلَى نافع وغير نافع، والاستعاذة من العِلْم الَّذِي لا ينفع، وسؤال العِلْم النافع.
ففي "صحيح مسلم" (¬1) عن زيد بن أرقم أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا".
وخرّجه أهل السنن من وجوه متعددة (¬2) عن النبي صلّى الله عليه وسلم وفي بعضها: "وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ".
وفي بعضها (¬3): «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ».
¬__________
(¬1) برقم (2723).
(¬2) أخرجه أحمد (3/ 255)، وأبو يعلى (2845) عن أنس.
وأخرجه أحمد (2/ 167) والنسائي (8/ 255) عن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه أحمد (2/ 340، 365) وأبو داود (1548)، والنسائي (8/ 263، 284)، وابن ماجه (3837) عن أبي هريرة.
(¬3) أخرجه أحمد (2/ 167)، والترمذي (3482) عن عبد الله بن عمرو، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث عبد الله بن عمرو.
وأخرجه أحمد (4/ 381) في عبد الله بن أبي أوفي.
وأخرجه أحمد (3/ 283)، والنسائي (8/ 263) عن أنس.
وأخرجه أحمد (2/ 340، 365)، وأبو داود (1548)، والنسائي (8/ 263)، وابن ماجه (3837) عن أبي هريرة.

الصفحة 8