كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 4)

الله، والزيارة عَلَى الأقدام أقربُ إِلَى الخضوع والتذلل كما قيل:
لو جئتكم زائرًا أسعى عَلَى بصري ... لم أدِّ حفًّا وأي الحق أديت؟!
وفي صحيح البخاري (¬1) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "من غدا إِلَى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما كدا أو راح".
والنزل: هو ما يعد للزائر عند قدومه.
وفي الطبراني (¬2) من حديث سلمان مرفوعًا: "من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فهو زائرُ اللهِ تعالى، وحق عَلَى المزور أن يكرم الزائر".
وفي "صحيح مسلم" (¬3) عن أبي بن كعب قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تُخطئه صلاة في المسجد، قال: فقِيلَ لَهُ -أو قلت له- لو اشريت حمارًا تركبه في الظلمات وفي الرمضاء. فَقَالَ: ما يسرني أن منزلي إِلَى جنب المسجد، إني أريد أن يُكتبَ لي ممشاي إِلَى المسجد ورجوعي إذا رجعت إِلَى أهلي فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد جمع الله لك ذلك كله".
وكلما شقَّ المشي إِلَى المسجد كان أفضل، ولهذا فضل المشي إِلَى صلاة العشاء وصلاة الصبح، وعدل بقيام الليل كله كما في "صحيح مسلم" (¬4) عن عثمان عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "من صلّى العشاء في جماعة فكأنَّما قام نصف الليل، ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله".
وفي "الصحيحين" (¬5) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "أثقل صلاة
¬__________
(¬1) برقم (66).
(¬2) في "الكبير" (6/ 311 - 312) وقال المنذري (1/ 214): رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد وقال الهيثمي (2/ 31): وأحد إسناديه رجاله رجال الصحيح.
(¬3) برقم (663).
(¬4) برقم (644).
(¬5) أخرجه البخاري (644) ومسلم (651).

الصفحة 26