كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 4)

الباب السابع والعشرون - في ذكر ورود النار نجانا الله منها بفضله ورحمته
قَالَ الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 71 - 72].
روى إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قَالَ: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فَقَالَ لها: ما يبكيك؟
قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قَالَ: إني ذكرت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وقد علمت أني داخلها، فلا أدري، أناج منها أم لا؟ (¬1).
وروى ابن المبارك (¬2)، عن عباد المنقري، عن بكر المزني، قَالَ: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ذهب ابن روحة إِلَى بيته فبكى، فجاءت المرأة فبكت، وجاءتِ الخادمُ فبكتْ، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون، فلما انقطعت عبرته قَالَ: يا أهلاه، ما يبكيكم؟
قالوا: لا ندري، ولكنا رأيناك بكيت فبكينا، قَالَ: آية نزلت عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ينبئني فيها ربي أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها [فذلك الَّذِي أبكاني] (¬3).
وقال موسى بن عقبة، في "مغازيه": زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إِلَى مؤتة، فبكى أهله حين رأوه يبكي، فَقَالَ: والله ما بكيت [جزعًا] من الموت ولا صبابة لكم، ولكني بكيت [جزعًا] (*) من قول الله عز وجل:
¬__________
(¬1) أخرجه عبد الرازق في "تفسيره" (1779).
(¬2) في "الزهد" (309).
(¬3) زيادة من الزهد لابن المبارك.
(*) من المطبوع.

الصفحة 351