كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 4)

العمل لا يوجب النجاة
وما أحسن ما قَالَ أبو بكر النهشلي يوم مات داود الطائي وقام ابن -السمَّاك بعد دفنه يثني عليه بصالح عمله ويبكي، والناس يبكونه ويصدقونه عَلَى مقالته ويشهدون بما يثني به عليه، فقام أبو بكر النهشلي فَقَالَ: الفهم اغفر له وارحمه ولا تكله إِلَى عمله.
وفي "سنن أبي داود" (¬1) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعًا: "لو عَذَّب الله أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم".
وفي "صحيح الحاكم" (¬2) عن جابرٍ رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إِلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: واذُنوباه واذُنوباه. قالها مرتين أو ثلاثًا.
فَقَالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "قل: اللَّهم مغفرتُك أوسعُ لى من ذنوبي، ورحمتُكَ أرجى عندي من عملي".
فقالها، ثم قَالَ: "عد" فعاد، ثم قَالَ: "عد" فعاد فَقَالَ له: "قم فقد غُفِرَ لك".
ذنوبي إن فكَّرتُ فيها كثيرةٌ ... ورحمةُ ربي مِنْ ذنوبي أوسعُ
وما طمعي في صالحٍ قد عملتُهُ ... ولكنني في رحمةِ اللهِ أطمعُ
...
¬__________
(¬1) برقم (4699).
(¬2) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/ 543 - 544). وقال: حديث رواته عن آخرهم مدنيون ممن لا يعرف واحد منهم بجرح، ولم يخرجاه.

الصفحة 406