كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 4)

بيان جملة من التيسير في التشريع
فمن جملة ما حصل لأمته ببركته وتيسير شريعته أنَّ: "من صلّى منهم العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلّى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله" (¬1).
فيكتب له قيام ليلة وهو نائم عَلَى فراشه، لا سيما إن نام عَلَى طُهرٍ وذِكرٍ حتى تغلبه عيناه.
و"من صام منهم ثلاثة أيام من كل شهر فكأنما صام الشهر كله" (¬2)، فهو صائم [لبقية] (*) الشهر في مضاعفة الله، ومفطر له في رخصة الله، و"الطاعم الشاكرُ له أجرُ الصائِم الصَّابِر" (¬3).
ومن نوى أن يقومَ من الليل فغلبته عيناه فنام كُتبَ له ما نوى، وكان نومه عليه صدقةً.
وقال أبو الدرداء: يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يسبقون سهر الجاهلين وصيامهم (¬4).
ولهذا جاء في الحديث الصحيح: "رُبَّ قائم حظُّه من قيامه السهر، وصائم
¬__________
(¬1) أخرجه "مسلم" (656) عن عثمان بن عفان مرفوعًا.
(¬2) أخرجه البخاري (1979)، ومسلم (1159/ 187) بنحوه عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا.
(*) في الأصل: "لنفسه"، والمثبت من المطبوع.
(¬3) أخرجه أحمد (2/ 289) والترمذي (2486) وابن ماجه (1764) وابن خزيمة (1899) عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد (4/ 343)، والدارمي (2030)، وابن ماجه (1765) عن سنان بن سنة مرفوعًا أيضاً.
(¬4) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 211).

الصفحة 416