كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 4)

فقد تضمن هذا الدعاء سؤال حب الله عز وجل وحب أحبابه وحب الأعمال التي تقرب من حبه والحب فيه، وذلك مقتض فعل الخيرات كلها.
وتضمن ترك المنكرات والسلامة من الفتن، وذلك يتضمن اجتناب الشر كله، فجمع هذا الدعاء طلب خير الدُّنْيَا، وتضمن سؤال المغفرة والرحمة، وذلك يجمع خير الآخرة كله، فجمع هذا الدعاء خير الدُّنْيَا والآخرة.
والمقصود أن حب المساكين أصل الحب في الله تعالى؛ لأنّ المساكين ليس عندهم من الدُّنْيَا ما يوجب محبتهم لأجله، فلا يحبون إلا لله عز وجل، والحب في الله من أوثق عرى الإيمان.
ومن علامات ذوق حلاوة الإيمان، وهو صريح الإيمان، وهو أفضل الإيمان، وهذا كله مروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنَّه وصف به الحب في الله تعالى (¬1).
¬__________
(¬1) منها حديث: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله".
أخرجه أحمد (4/ 286) عن البراء بن عازب، وأخرجه أحمد (5/ 247) وغيره عن معاذ، وأخرجه أحمد (5/ 146) وأبو داود (4599) عن أبي ذر.
وأخرجه الطيالسي (378) والطبراني في الكبير (10/ 10357، 10531)، والصغير (1/ 223 - 224) والحاكم (2/ 480) عن ابن مسعود.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي قائلا: ليس بصحيح، فإن الصعق وإن كان موثقًا، فإن شيخه منكر الحديث، قاله البخاري.
وقال الهيثمي في المجمع (1/ 90، 163): وفيه عقيل بن الجعد قال البخاري: منكر الحديث.
وقال الهيثمي (7/ 260 - 261): رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح غير بكير بن معروف، وثقه أحمد وغيره، وفيه ضعف.
ومنها حديث: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" وذكر منها: "وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله".
أخرجه البخاري (16)، ومسلم (43) عن أنس.
ومنها حديث: "لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يحب لله تعالى ... " الحديث.
أخرجه أحمد (3/ 430) عن عمرو بن الجموح.
ومنها حديث معاذ بن أنس أنَّه سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان. قال: "أن تحب لله وتبغض لله". أخرجه أحمد (5/ 247).

الصفحة 54