أرحم بك من أشاء من عبادي" (¬1).
فكل ما في الجنة فهو من رحمته عز وجل، وإنَّما تنال برحمته لا بالعمل كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله".
قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟!.
قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" (¬2).
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون": المقصود بهذا الدعاء سلامة العبد من فتن الدُّنْيَا مدة حياته، فإن قُدِّر الله عَلَى عباده فتنة قبض عبده إِلَيْهِ قبل وقوعها، وهذا من أم الأدعية فإن المؤمن إذا عاش سليمًا من الفتن ثم قبضه الله قبل وقوعها وحصول الناس فيها كان في ذلك نجاة له من الشر كله، وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلم أصحابه أن يتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن (¬3).
وفي حديث آخر: "وجنبنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن" (¬4).
وكان يخص بعض الفتن العظيمة بالذكر، فكان يتعوَّذ في صلاته من أربع، ويأمر بالتعوذ منها: "أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال" (¬5).
ففتنة المحيا يدخل فيها فتنُ الدين والدنيا كلها، (كالكفر) (*) والبدع
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) أخرجه البخاري (6467) ومسلم (2818) من حديث عائشة.
وأخرجه البخاري (6463) ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة.
(¬3) قطعة من حديث أخرجه مسلم (2867) عن زيد بن ثابت مطولاً.
(¬4) قطعة من حديث أخرجه أبو داود (969)، وابن حيان (2429)، والحاكم (1/ 265) وقال: صحيح عَلَى شرط مسلم.
(¬5) أخرجه البخاري (833) ومسلم (589) عن عائشة، وأخرجه مسلم (588) عن أبي هريرة وعن ابن عباس (590) بألفاظ متعددة.
(*) كالفقر: "نسخة".