ويدل على قوة هذا القول-أعني كونه مبتدأ-جواز حذفه إذا دل الكلام عليه، كما يجوز حذف المبتدأ لذلك (¬1)، فمن ذلك قوله تعالى في قصة أيوب {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب} [ص: 30] (¬2)، ولم يذكره بعد "نعم" ومرفوعها-وهو المخصوص بالثناء-، لدلالة الكلام عليه، إذ كانت القصة مقصورة على ذكره.
والوجه الآخر أن يكون الاسم المخصوص بالمدح أو الذم خبر مبتدأ محذوف؛ وذلك المبتدأ لا يظهر، وتقديره هو، كأنك لما قلت: نعم الرجل، قال لك قائل: من هذا المقصود بالمدح، أو الذم، إن كان ذمًا، فقلت: زيد" [أي هو زيد، ويقوى (¬3) هذا القول أنه باب مدح ومبالغة فيه، وكذا الذم فيه، وهما خليقان بتكثير الجمل فيهما، وهذا الوجه، الكلام فيه كما-رأيت-جملتان، والأول جملة واحدة.
فلو حمل هذا الكلام على الوجه الأول لكانت "أن" مبتدأة، وليس من الأصول الابتداء بها، على أنها قد وقعت بعد لولا مبتدأة؛ ولكن لتلك حكم يخصها.
¬__________
(¬1) ((في (آ): كذلك.
(¬2) ((سورة (ص) 38: 44 {وخذ بيدك ضغثًا ... ، نعم العبد إنه أواب}.
(¬3) ((في (آ) و (ب): ويقوى هذا القول قولهم شد ما أنك ذاهب، وشد من هذا الباب، فاو.