كتاب المرتجل في شرح الجمل لابن الخشاب

وسموه فعلاً ولم يسموه عملاً، لأن الفعل أهم من العمل (¬1)، ألا ترى أنك إذا أمرت مأموراً بالبناء مثلاً، فقلت: ابن داراً فائتمر جاز أن يقول: قد عملت ما أردت، وجاز أن يقول: قد فعلت، ولو قلت: تكلم مثلاً، ففعل، لم يقل إلا: قد فعلت ولم يحسن أن يقول: قد عملت فالفعل على ما أريتك أعم من العمل، فلذلك لقبوا هذا القسم فعلاً ولم يلقبوه عملاً، ولعلة أخرى حسنت فيه هذا اللقب دون غيره (¬2).
فأما علاماته فمنها أيضاً لفظية، ومنها معنوية، فمن اللفظية أن يحسن دخول قد عليه كقولك: قد قام، وقد قعد، وقد يقوم وقد يقعد.
وقد حرف يقرب (¬3) الفعل الذي يدخل عليه من زمن الوجود أي الحال.
ومنها السين وسوف، وهما حرفان إذا دخلا على الفعل المضارع (¬4) أخلصاه للاستقبال وخلصاه من الشياع الذي كان يحتمله قبل دخولهما عليه، وذلك أن لفظ المضارع - مجرداً (¬5) من قرينة - يحتمل الحال والاستقبال، فهو صالح لهما على سبيل
¬__________
(¬1) في (ج) عوضاً عن هذه العبارة: قالوا: وسمي فعلاً، لأن المصدر الذي هو أصله فعل في المعنى، وقالوا فعل ولم يقولوا عمل، لأن لفظة فعل أهم من لفظة عمل.
(¬2) في (ج) عوضاً من هذه العبارة من ولو قلت .. حتى غيره: ولو قلت تكلم فتكلم لقال: قد فعلت، ولم يسغ في عرف الاستعمال أن يقول: قد عملت. فالفعل على هذا أعم في الاستعمال من العمل، فلهذا لقبوا هذا القسم من الكلم الثلاث فعلا ولم يلقبوه عملاً ولغير ذاك مما حسن عندهم تلقيبه فعلاً دون غيره.
(¬3) في (ج): يقرب الفعل الذي يدخل عليه من الماضي من زمن الوجود مع تأكيده أي الحال، ويفيد في المستقبل تقليلاً ...
(¬4) المضارع: ساقطة من (أ) و (ب).
(¬5) في (ج): إذا تجرد.

الصفحة 15