كتاب المرتجل في شرح الجمل لابن الخشاب

منك وجهًا، أو اسم مضاف كقولك: ويحه رجلاً، ويل أمه فارسًا، أو فعل قد استوفى فاعله كقولك: طبت به نفسًا.
وإنما انتصب التمييز لأنه أشبه المفعول في كونه فضلة، إلا أن العامل فيه في الأكثر غير متصرف، فلم يجز فيه التقديم كما جاز في المشبه به-وهو المفعول، التقديم والتأخير، قالوا: وقولك (¬1): عشرون درهمًا مشبه في اللفظ لا في (¬2) المعنى بقولك ضاربون زيدًا، كما أن قولك: إن زيدًا قائم مشبه في اللفظ لقولك: كان قائمًا زيد، فعشرون فرع على قولك ضاربون، كما كان "إن" فرعًا على كان.
وقسم الحذاق من النحويين (¬3): فقالوا: لا يخلو درهمًا من قولك: عشرون درهمًا من أن يرفع أو يجر أو ينصب، فلا يكون فيه الرفع لأنه ليس بنعت للاسم المميز وهو عشرون ولا خبر عنه، ولا يجر لأن النون قد حجزت بينه وبين المميز فمنعته الإضافة إليه، فبقي أن ينصب، وناصبه المميز، ونصبه إياه نصب ضعيف، فلم يجز تقديمه عليه، ولا الفصل بينه وبينه في حال السعة والاختيار على أنه قد جاء في الشعر مجيئًا قليلاً الفصل بينهما، فمن ذلك قوله:
على أنني بعد ما قد مضى ... ثلاثون للهجر حولاً كميلاً (¬4)
ولزم إفراد المميز وتنكيره لحصول الغرض بذاك، وكون المعنى مفهومًا مع اختصار في اللفظ.
فأما قولك طبت به نفسًا وما أشبهه من الأفعال، فالأصل في مميزها أن
¬__________
(¬1) ((في (ب): فقولك.
(¬2) ((في: ساقطة من (ب).
(¬3) ((راجع المقتضب 3: 32.
(¬4) ((الكتاب 1: 292، الإيضاح العضدي 1: 224، الإنصاف: 308 شرح المفصل 4: 130، مغني اللبيب 2: 633، اللسان (كمل)، والرواية فيه على أنه ... ، المقاصد النحوية 4: 489 وقد نسبه العباس بن مرداس 00 - 18/ 639 الخزانة 3: 119 قال: هذا البيت من الأبيات الخمسين التي استشهد بها سيبويه ولم يعرف لها قائل.
لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب (¬1)
فالأصل عسل في الطريق، لأن الطريق مختص، لكنه حذف حرف الجر ضرورة لإقامة الوزن، فأفضى الفعل إلى الاسم فنصبه. وكل الظروف مقدر بفي، كما أن جميع السماء المنصوبة على التمييز مقدرة بمن، وكذلك الأحوال كلها تفسر بفي، فلهذا شًبهت الحال بالظرف.
فأما قوله (¬2): وكذا كل زمان وقع فيه فعل، فإنه احتراز (¬3) من الظرف إذا لم يُستعمل فضلة، وأخبر عنه مثلاً، كقولك: يومنا طيب، وفي المكان: أمامنا واسع، وكذلك ما أشبههما.
فصل

والمفعول له عذر وعلة لوقوع الفعل، ويسمى غرض الفاعل، ويعتبر بأنه يقع وجوبًا لمن قال: لم فعلت كذا؟ ويكون أبدًا مصدرًا منصوبًا، ناصبه فعل من غير لفظه، ويقع معرفة ونكرة، والمثال فيه قولك: جئتك ابتغاء
¬__________
(¬1) ((لدن: لين، يعل: يعدو، والعسلان عدو الذئب. أي يعسل في عدوته هذه فاضمر لتقديم ذكره كما عسل الطريق: يريد أنه لا كزازة فيه إذا هززته ولا صلابة ولا خشونة. الباء في قوله بهز، للسببية.
والشاهد لساعد بن جؤية الهذلي يصف رمحًا.
وهو في ديوان الهذليين: 19، الكتاب 1: 16، 109 الكامل: 321، الجمهرة 3: 2، والرواية فيه: لذ بهز، شرح الأبيات المشكلة الإعراب: 162، أسرار العربية: 180، مغني اللبيب 1: 3، اللسان (وسط) الخزانة 1: 474، والشاهد تعديه الفعل إلى ظرف المكان المختص شذوذًا.
(¬2) ((انظر جمل الجرجاني ورقة 8: 1 - 2.
(¬3) ((في (ج): احتراز من اسم الزمان.

الصفحة 158