فمن ذلك "كيف" (¬1)، لا تحسن فيها علامات الأسماء في اللغة الجيدة (¬2) وإن كانوا قد حكوا في الشواذ: على كيف تبيع الأحمرين؟ وحكوا أيضاً: انظر إلى كيف يصنع، فأدخلوا عليه حروف الجر كما ترى، فليس ذلك بالشائع ولا القياس (¬3)، وإن كان فيه بعض التنبيه على أن العرب وضعت الكلمة اسماً.
وطريق النظر إن سبرتَ وقَسمتَ أن تحللها، فتقول: لا تخلو كيف من أن تكون اسماً، أو فعلاً، أو حرفاً (وقد قدمنا أن الأسماء هي الأصول) (¬4)، فلا تكون فعلا لأن الأفعال تليها إذا قلت: كيف تصنع؟ وكيف تقول؟ ، والفعل لا يلي الفعل إلا أن يكون بينهما (¬5) حاجز مقدر، وذلك في التحقيق لم يله وليس بين كيف وما وليها من الفعل حاجز مقدر - أعني ضميراً مستتراً - فبطل أن تكون فعلاً، ولا تكون حرفاً لا يستقل به مع الاسم كلام تام إلا في النداء نحو قولك (¬6): يا زيد، وليس قولك: كيف زيد بنداء، وهو كلام تام فبطل أن تكون حرفاً، فإذا لم تكن فعلاً ولا حرفاً بقي أن تكون اسماً. وعلى (¬7) هذا فقس أمثاله.
¬__________
(¬1) في (ج) و (د): مثال ما ذكرناه كيف.
(¬2) في (ج): الشائعة.
(¬3) في (ب): القياس الفاشي.
(¬4) ما بين قوسين ساقط من (آ) و (ب).
(¬5) في (ج) و (د): بين لفظيهما.
(¬6) في (ب): في قولك وفي (ج) و (د): إذا قلت.
(¬7) في (ج) و (د): فعلى هذا فقس، وبمثل هذا النظر فاسبر أمثاله مما يرد عليك منه.