كتاب المرتجل في شرح الجمل لابن الخشاب

الاسم المجرور بعدها بطل الجر، لأن الجار لا يصح إعماله في مجروره مع الفصل بينه وبينه (¬1) لضعفه، فنصبه (¬2) على التمييز ردًا إلى الأصل في عمل "كم" ولأن المنصوب يحتمل أن يفصل بينه وبين ناصبه، والمجرور ليس كذلك، وذلك قولك: كم في عمري مالاً أتلفته، وعليه أنشدوا:
(كم نالني منهم فضلاً على عدمٍ ... إذ لا أكاد من الإقتار احتمل) (¬3)
أي كم فضلٍ نالني منهم، فلما فصل نصب على ما قلناه، فهذا حكم النصب غير الحقيقي أي المشبه منصوبه بالمفعول.
وأما الجر غير الحقيقي فهو على ضربين؛ إما أن يكون الجار
¬__________
(¬1) بلى ذلك في (ج): لشدة اتصاله به وضعفه عن العمل فيما تراخى عنه.
(¬2) في (أ): فنصبته.
(¬3) الإقتار: الفقر، احتمل: أرتحل لطلب الرزق، يقول: لقد أنعم علي هؤلاء وزادوا في إنعامهم عند فقري وحاجتي التي بلغت إلى حد أنني لا أقدر على الارتحال لطلب الرزق ضعفًا وفقرًا. والشاهد للقطامي ( .. -130/ 747) من قصيدته التي يمدح فيها والي المدينة.
والاستشهاد به في قوله "كم نالني منهم فضلاً" حيث نصب تمييزكم الخبرية لما فصل بين كم وتمييزها؛ وسيبويه يوجب ذلك إلا في ضرورة الشعر، والفراء يجيزه في السعة. الديوان: 30، الكتاب 1: 295، المقتضب 3: 60، الإنصاف 1: 306، شرح المفصل 4: 131، الخزانة 3: 122.

الصفحة 318