كتاب معالم السنن (اسم الجزء: 2)

إلى قوله {فلا تكونن من الممترين} [البقرة: 147] ولا يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم قد شك قط في شيء مما أنزل عليه وكقوله {أن أشكر لي ولوالديك} [لقمان: 14] وقال {وبالوالدين إحسانا} [البقرة: 83] وهذا خطاب لم يتوجه عليه ولم يلزمه حكمه لمرين أحدهما أنه لم يدرك والديه ولا كان واجبا عليه لو أدركهما أن يحسن إليهما ويشركهما إحسان الآباء المسلمين وشكرهم.
وأما التطهير والتزكية والدعاء من الإمام لصاحب الصدقة فإن الفاعل لها قد ينال ذلك كله بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فيها وكل ثواب موعود على عمل من الطاعات كان في زمان حياته صلى الله عليه وسلم فإنه باق غير منقطع بوفاته وقد يستحب للإمام ولعامل الصدقة أن يدعو للمتصدق بالنماء والبركه في ماله ويرجى أن الله يستجيب له ذلك ولا يخيب مسألته فيه.
قلت: ومن لواحق بيان ما تقدم في الفصل الأول من ذكر وجوب إيتاء الزكاة وأدائها إلى القائم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل آخر كلامه عند وفاته قوله الصلاة وما ملكت أيمانهم ليعقل أن فرض الزكاة قائم كفرض الصلاة وأن القائم بالصلاة هو القائم بأخذ الزكاة ولذلك قال أبو بكر رضي الله عنه والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة استدلالاً بهذا مع سائر ما عقل من أنواع الأدلة على وجوبها والله أعلم.
فإن قيل كيف تأولت أمر هذه الطائفة التي منعت الزكاة على الوجه الذي ذهبت إليه وجعلتهم أهل بغي أرأيت إن أنكرت طائفة من أهل المسلمين في زماننا فرض الزكاة وامتنعوا من أدائها إلى الإمام هل يكون حكمهم حكم أهل البغي قيل لا فإن من أنكر فرض الزكاة في هذا الزمان كان كافراً بإجماع

الصفحة 8