كتاب معالم السنن (اسم الجزء: 3)

وكان مالك يرى أن الفيء للمصالح قال وكذلك كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكي عنه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك فيه مالا أو كان لا يصح منه الملك. قلت وهذا القول أن صح عنه فهو خطأ، وقال بعض أهل العلم الفيء للأئمة بعده.
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا أيوب عن الزهري قال قال عمر رضي الله عنه {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} [الحشر: 6] قال الزهري قال عمر هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة قرى عربية فدك وكذا وكذا {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الحشر: 7] و {للفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأ موالهم والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم والذين جاؤوا من بعدهم} [الحشر: 8] فاستوعيت هذه الناس فلم يبق أحد من المسلمين إلاّ له فيها حق أو قال حظ إلاّ بعض من تملكون من أرقائكم.
قلت مذهب عمر في تأويل هذه الآيات الثلاث في سورة الحشر أن تكون منسوقة على الآية الأولى منها وكان رأيه في الفيء أن لا يخمس كما تخمس الغنيمة لكن تكون جملته لجملة المسلمين مرصدة لمصالحهم على تقديم كان يراه وتأخير فيها وترتيب لها، وإليه ذهب عامة أهل الفتوى غير الشافعي فإنه كان يرى أن يخمس الفيء فيكون أربعة أخماسه لأرزاق المقاتلة والذرية وفي الكراع والسلاح وتقوية أمر الدين ومصالح المسلمين ويقسم خمسه على خمسة أقسام كما قسم سبى الغنيمة واحتج بقوله تعالى {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} .

الصفحة 17