كتاب معالم السنن (اسم الجزء: 3)

كثير من الناس وقد عقل ببيان فحواه أن بعض الناس يعرفونها وإن كانوا قليلي العدد فإذا صار معلوماً عند بعضهم فليس بمشتبه في نفسه ولكن الواجب على من اشتبه عليه أن يتوقف ويستبري الشك ولا يقدم إلاّ على بصيرة فإنه إن أقدم على الشيء قبل التثبت والتبين لم يأمن أن يقع في المحرم عليه وذلك معنى الحمى وضربه المثل به.
وقوله الحلال بين والحرام بين أصل كبير في كثير من الأمور والأحكام إذا وقعت فيها الشبهة أو عرض فيها الشك ومهما كان ذلك فإن الواجب أن ينظر فإذا كان للشيء أصل في التحريم والتحليل فإنه يتمسك به ولا يفارقه باعتراض الشك حتى يزيله عنه يقين العلم، فالمثال في الحلال الزوجة تكون للرجل والجارية تكون عنده يتسرى بها ويطأها فيشك هل طلق تلك أوأعتق هذه فهما عنده على أصل التحليل حتى يتيقن وقوع طلاق أو عتق، وكذلك الماء يكون عنده وأصله الطهارة فيشك هل وقعت فيه نجاسة أم لا فهو على أصل الطهارة حتى يتيقن أن قد حلته نجاسة، وكالرجل يتطهر للصلاة ثم يشك في الحدث فإنه يصلي ما لم يعلم الحدث يقينا على هذا المثال.
وأما الشيء إذا كان أصله الحظر وإنما يستباح على شرائط وعلى هيئات معلومة كالفروج لا تحل إلاّ بعد نكاح أو ملك يمين وكالشاة لا يحل لحمها إلا بذكاة فأنه مهما شك في وجود تلك الشرائط وحصولها يقيناً على الصفة التي جعلت علما للتحليل كان باقيا على أصل الحظر والتحريم، وعلى هذا المثال فلو اختلطت امرأته بنساء أجنبيات أو اختلطت مذكاة بميتات ولم يميزها بعينها وجب عليه

الصفحة 57