كتاب معرفة السنن والآثار (اسم الجزء: 1)

36 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحَ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: «§اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ»، قَالَ: فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولُ اللَّهِ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ»، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]-[107]- أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ،

37 - وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: وَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ كَانَ لَهُ فِيهِ سَعَةٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

38 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْقَضَاءُ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حُكْمٌ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ -[108]-،

39 - وَاحْتَجَّ أَيْضًا فِي فَرْضِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]

40 - وَذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَاتُ

41 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: وَكَانَ فَرْضُهُ عَلَى مَنْ عَايَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاحِدًا فِي أَنَّ عَلَى كُلٍّ طَاعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ غَابَ عَنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِالْخَبَرِ عَنْهُ،

42 - قَالَ: وَالْخَبَرُ عَنْهُ خَبَرَانِ: خَبَرُ عَامَّةٍ عَنْ عَامَّةٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُمَلِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَأْتُوا بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَيُؤْتُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا مَا لَا يُسَعُ جَهْلُهُ. وَخَبَرُ خَاصَّةٍ فِي خَاصِّ الْأَحْكَامِ لَمْ تُكَلَّفْهُ الْعَامَّةُ، وَلَمْ يَأْتِ أَكْثَرُهُ كَمَا جَاءَ الْأَوَّلُ، وَكُلِّفَ عِلْمَ ذَلِكَ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِلْقِيَامِ بِهِ دُونَ الْعَامَّةِ، وَسَاقَ الشَّافِعِيُّ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

الصفحة 106