كتاب معرفة السنن والآثار (اسم الجزء: 3)

3761 - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ صَلَّى، فَكَانَ مَنْ خَلْفَهُ يَقْرَأُ، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَاهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَقْبَلَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَتَنْهَانِي عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَتَنازَعَا، حَتَّى ذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»

3762 - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: هَذَا الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْأَخِيرَةِ، قَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا،

3763 - وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، مُرْسَلًا مُخْتَصَرًا
3764 - وَرَوَى جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَلَيْثُ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»،

3765 - وَكُلُّ مَنْ تَابَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ أَضْعَفُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا
3766 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا مُوسَى الرَّازِيَّ الْحَافِظَ، عَنِ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»، فَقَالَ: لَمْ يَصِحَّ فِيهِ عِنْدَنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ، إِنَّمَا اعْتَمَدَ مَشَايِخُنَا فِيهِ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالصَّحَابَةِ -[80]-

3767 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَعْجَبَنِي هَذَا لَمَّا سَمِعْتُهُ، فَإِنَّ أَبَا مُوسَى، أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، عَلَى أَدِيمِ الْأَرْضِ
3768 - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: فَإِنْ صَحَّ شَيْءٌ مَنْ ذَلِكَ، فَفِيمَا رُوِّينَا فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، دَلَالَةٌ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ،

3769 - وَقَدْ بَيَّنَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ،

3770 - وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قِصَّةُ حَدِيثِ ابْنِ أُكَيْمَةَ بِعَيْنِهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَعَلَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةً فِي قِرَاءَةِ السُّورَةِ، وَفِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ، دُونَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ،
3771 - وَخَبَرُ عُبَادَةَ مُفَسَّرٌ، ذَكَرَ فِيهِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَمَا أَمَرَ بِهِ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ،

3772 - وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَحْفَظَ، لِمَوَافَقَتِهَا فِي الْقِصَّةِ الْأُولَى رِوَايَةَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَمُوَافَقَتِهَا سَائِرَ الرُّوَاةِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْقِصَّةِ الْأُخْرَى، دُونَ ذِكْرِ جَابِرٍ فِيهَا، فَإِنَّ غَيْرَهُ رَوَاهَا مُرْسَلَةً،

3773 - ثُمَّ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِصَّةُ الْأُخْرَى بَعْدَ الْأُولَى، لِمَعْرِفَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، كَرَاهِيَةَ الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ، بِمَا شَهِدَ مِنْهُ فِي الْقِصَّةِ الْأُولَى،

3774 - ثُمَّ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِصَّةُ الْأُخْرَى، هِيَ الْقِصَّةُ الَّتِي رَوَاهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَابْنُ أُكَيْمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ شَدَّادٍ، حَفِظَ فِيهَا إِنْكَارَ الصَّحَابِيِّ، وَالنَّهْيَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَحْفَظِ اسْتِثْنَاءَ الْفَاتِحَةِ،

3775 - وَعُبَادَةُ حَفِظَ إِنْكَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ خَلْفَهُ، ثُمَّ نَهْيُهُ عَنْهَا، وَأَمْرَهُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَإِخْبَارِهِ، بِأَنَّ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِصَّةٌ أُخْرَى، فَحَدِيثُ عُبَادَةَ زَائِدٌ، فَهُوَ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الصفحة 79