كتاب معرفة السنن والآثار (اسم الجزء: 9)

12192 - وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §حَمَى النَّقِيعَ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ تَرْعَى فِيهِ».

12193 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالنَّقِيعُ بَلَدٌ لَيْسَ بِالْوَاسِعِ الَّذِي إِذَا حُمِيَ ضَاقَتِ الْبِلَادُ بِأَهْلِ الْمَوَاشِي حَوْلَهُ
12194 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: § «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ لِلْمُسْلِمِينَ غَيْرَ مَا حَمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

12195 - وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا حِمَى لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ إِلَّا عَلَى مِثْلِ مَا حَمَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فِي حِمَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حَمَى مَنْ حَمَى عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَأَمَرَ أَنْ يُدْخَلَ الْحِمَى مَاشِيَةً مِنْ ضِعْفٍ عَنِ النُّجْعَةِ مِمَّنْ حَوْلَ الْحِمَى.

12196 - قَالَ: وَقَدْ حَمَى بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْضًا لَمْ يُعْلَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَاهَا، وَأَمَرَ فِيهَا بِنَحْوِ مِمَّا وَصَفْتُ
12197 - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ الْحَافِظُ الزَّاهِدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ: هُنَيُّ عَلَى الْحِمَى، فَقَالَ لَهُ: " يَا هُنَيُّ، §ضُمَّ جَنَاحَكَ لِلنَّاسِ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَرَبَّ الْغَنِيمَةِ، وَإِيَّاكَ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ -[15]-، فَإِنَّهُمَا إِنْ تُهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الْغَنِيمَةِ وَالصَّرِيمَةِ يَأْتِينِي بِعِيَالِهِ فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لَا أَبَا لَكَ؟ فَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَايْمُ اللَّهِ، لِعَلَى ذَلِكَ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلَادِهِمْ، قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا ".

12198 - قَوْلُهُ: وَلَوْلَا الْمَالُ، إِلَى آخِرِهِ، لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ فِي حِكَايَةِ الشَّافِعِيِّ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

12199 - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ فِي مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ: إِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنْ مَنَعْتَ لِأَحَدٍ مِنْ أَحَدٍ، فَمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا وَأَسْلَمَ أَوْلَى أَنْ تُمْنَعَ لَهُ. وَهَكَذَا كَمَا قَالُوا: لَوْ كَانَتْ تُمْنَعُ لِخَاصَّةٍ، فَلَمَّا كَانَتْ لِعَامَّةٍ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَظْلَمَةٌ.

12200 - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: وَلَمْ يَظْلِمْهُمْ عُمَرُ، وَإِنْ رَأَوْا ذَلِكَ، بَلْ حَمَى عَلَى مَعْنَى مَا حَمَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ دُونَ أَهْلِ الْغِنَى. وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ.

12201 - قَالَ: وَإِنَّمَا نَسَبَ الْحِمَى إِلَى الْمَالِ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْغَزَاةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَكْثَرِ مَا عِنْدَهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى الْحِمَى، وَقَدْ حُمِلَ الْحِمَى خَيْلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِبِلَ الضَّوَالِّ، وَمَا فَضُلَ عَنْ سُهْمَانِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَمِنْ ضِعْفٍ عَنِ النُّجْعَةِ مِمَّنْ قَلَّ مَالُهُ، وَكُلُّ هَذَا وَجْهٌ عَامُّ النَّفْعِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ

الصفحة 14