كتاب معرفة السنن والآثار (اسم الجزء: 9)

13361 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ سَهْمٌ، وَالَّذِي أَحْفَظُ فِيهِ مِنْ مُتَقَدِّمِ الْخَبَرِ: «أَنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، أَحْسِبُهُ قَالَ -[336]- بِثَلَاثِ مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ مِنْ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ، §فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْهَا ثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَجَاءَهُ بِزُهَاءِ أَلْفِ رَجُلٍ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا».

13362 - قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مِنْ إِعْطَائِهِ إِيَّاهَا غَيْرَ أَنَّ الَّذِيَ يَكَادُ أَنْ يَعْرِفَ الْقَلْبُ بِالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَخْبَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، فَإِمَّا زَادَهُ لِيُرَغِّبَهُ فِيمَا صَنَعَ، وَإِمَّا أَعْطَاهُ لِيَتَأَلَّفَ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِمَّنْ لَا يَثِقُ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا يَثِقُ بِهِ مِنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ.

13363 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى، إِنْ نَزَلَتْ نَازِلَةٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلَنْ تَنْزِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ النَّازِلَةِ.

13364 - ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُ مَا وَصَفْتُ مِمَّا كَانَ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ مِنِ امْتِنَاعِ أَكْثَرِ الْعَرَبِ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الرِّدَّةِ وَغَيْرِهَا لَمْ أَرَ أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَرَأَيْتُ أَنْ يُرَدَّ سَهْمُهُمْ عَلَى السُّهْمَانِ مَعَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيًّا أَعْطُوا أَحَدًا تَأَلُّفًا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ - فَلَهُ الْحَمْدُ - الْإِسْلَامَ عَنْ أَنْ يُتَأَلَّفَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ.

13365 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلُهُ: فِي الرِّقَابِ يَعْنِي الْمُكَاتَبِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الصفحة 335