كتاب معرفة السنن والآثار (اسم الجزء: 11)
§بَابُ عِتْقِ الْمُؤْمِنَةِ فِي الظِّهَارِ
14975 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: " {§وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3].
14976 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا وَجَبَتْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَلَى الرَّجُلِ وَهُوَ وَاجِدٌ لِرَقَبَةٍ أَوْ ثَمَنِهَا لَمْ يُجْزِهِ فِيهَا إِلَّا تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَلَا تُجْزِئُهُ رَقَبَةٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فَكَانَ شَرْطُ اللَّهِ فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ إِذَا كَانَتْ كَفَّارَةً كَالدَّلِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنْ لَا يُجْزِئَ رَقَبَةٌ فِي كَفَّارَةٍ إِلَّا مُؤْمِنَةً، كَمَا شَرَطَ اللَّهُ الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ فِي مَوضِعَيْنِ وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، فَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةٌ كُلُّهَا اكْتَفَيْنَا بِشَرْطِ اللَّهِ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ.
14977 - وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ مَا أُطْلِقَ مِنَ الشَّهَادَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا شُرِطَ قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ.
14978 - قَالَ: وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ لَا يُعْتِقَ إِلَّا بَالِغَةً مُؤْمِنَةً وَإِنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً فَوَصَفَتِ الْإِسْلَامَ أَجْزَأَتْهُ "
14979 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى لِي غَنَمًا لِي، فَجِئْتُهَا وَفَقَدَتْ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا، فَقَالَتْ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ -[118]- أَفَأُعْتِقُهَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ اللَّهُ؟» فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: «مَنْ أَنَا؟» فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: «فَأَعْتِقْهَا» قَالَ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْيَاءً كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ»، فَقَالَ: عُمَرُ: وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ».
14980 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: اسْمُ الرَّجُلِ مُعَاويَةُ بْنُ الْحَكَمِ. وَكَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ.
14981 - قَالَ أَحْمَدُ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ.
14982 - وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ، بِقِصَّةِ الْكُهَّانِ وَالطِّيَرَةِ.
14983 - وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَمْ يَضْبِطِ اسْمَهُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ
14984 - وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ
14985 - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ بِنَذْرٍ، أَوْ وَجَبَتْ بِغَيْرِ نَذْرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ فِيهَا إِلَّا مُؤْمِنَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: عَلَيَّ رَقَبَةٌ، لَا يَذْكُرُ -[119]- مُؤْمِنَةً فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَارِيَةَ عَنْ صِفَةِ الْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ تُجْزِئُهُ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ قَالَ: أَعْتِقْ أَيَّ رَقَبَةٍ شِئْتَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
14986 - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَودَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَفَأُعْتِقُ هَذِهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: «أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْتِقْهَا». أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ.
14987 - هَذَا مُرْسَلٌ وَرُوِيَ مَوْصُولًا بِبَعْضِ مَعْنَاهُ
الصفحة 117