كتاب محمد في التوراة والإنجيل والقرآن

ويقول سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}
ويقول الله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وفي الحديث القدسي أن رب العزة جل جلاله يقول: "يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، وبهذا كان باب التوبة في الإسلام مفتوحاً لكل من يطرقه من بني الإنسان، وتقبل توبة التائب - بندمه على ما فرط منه، ومعاهدته ربه على عدم العودة إلى ما يغضبه، ولا تتوقف على شيء من غيره.
أما في المسيحية "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" و"أحب الله العالم حتى بذل ابنه الحبيب لكيلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية"، وهو كلا تظهر عليه مسحه الوضع البشري، لاستهواء أفئدة العامة، وحملهم على حب المسيح، والإيمان به. ولا يدري عاقل كيف يصل العجز بالإله إلى الحد الذي لا يستطيع معه أن يغفر للبشر إلا بتقديم ابنه الحبيب قرباناً، فإلى من يتقرب؟ وإلى من يتقدم بالرجاء؟ وكيف تغفر ذنوب السابقين واللاحقين بتقديم ابنه قرباناً؟ وهل هذا إلا فتح لباب المعصية في المستقبل اعتماداً على هذا الغفران؟
وقد نقل إلينا إبراهيم في هذا الموضع كلام العلامة روى ديسكون سميث في كتابه "ضوء جديد على البعث" إذ قال: "لا يوجد متدين مهما كان مذهبه أو فرقته يعتقد أن الله العظيم قد أرسل ابنه الوحيد إلى هذه البشرية التي لا تساوي - في مجموعها منذ بدء الخلق إلى نهايته - كوكباً من الكواكب المتناهية في الصغر، لكي يعاني موتاً وحشياً على الصليب، لترضيه النقمة الإلهية على البشر، ولكي يساعد جلالته على أن يغفر للبشرية على شرط أن تعلن البشرية اعترافها بهذا العمل الهمجي - ألا وهو الفداء - الذي لا يستسيغه عقل ... ولماذا لا نقول: إن الله العالم بما سيكون سمح بتضحية رسوله لا ليغفر للبشرية جرائمها، بل لتكون هذه الحادثة سبباً في انتشار الإنجيل".

الصفحة 19