كتاب محمد في التوراة والإنجيل والقرآن

وغشى بشروحات مذهبية، فإذا ما نحيث هذه وتلك فإن الحقيقة ستظهر في جلاء ووضوح، ومن ثم يستطع العلماء الباحثون أن يهتدوا بهذه الخيوط الربانية.
دور الكتابة في الهداية:
نحن معشر المسلمين نؤمن أن التوراة الصلية والإنجيل الأصلي موحى بهما من الله على عبديه ورسوليه موسى وعيسى عليهما السلام، ونحن معشر المسلمين نعلم أن المسيح عيسى ابن مريم بعثه ربه رسولاً إلى بني إسرائيل، فلما ابتدأ رسالته الجهارية بينهم، وجد أن توراة موسى قد تعرضت لبصمات بشرية. فلقد فقدت في عهد مملكة يهوذا، واكتشفت في أيام يوشيا ملك يهوذا، ثم تعرضت للضياع حتى الغزو البابلي في عهد نبوخذ نصر ملك بابل، ثم أعيد تدوينها بعد عودة اليهود المسبيين في بابل إلى أرض فلسطين في عهد كورش ملك الفرس، من ثم تعرضت التوراة إلى عوامل تغيير جسيمة وخطيرة للغاية.
لقد تعرضت في إعادة التدوين إلى اللامبالاة، وإضافات توحي بمذاهب وعقائد المحررين والنساخ، من هذا فإن المسيح رأى فيها أجزاء مازالت على أصلها من وحي الله دون أن تمسه يد ولا فكر بشري، لهذا جاهر بقوله لليهود المتعنتين وغيرهم: "ولا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل".
(إنجيل متى 5: 17، 18)
وبهذا التصريح فإن المسيح عيسى ابن مريم يصادق على جوهر التوارة، ولقد تعرض إنجيل المسيح عبر ستمائة سنة مثلما عانت التوراة من البصمات البشرية، فضلاً عن رداءة الخط في التدوين والنسخ، بالإضافة إلى المخطوطات العبرية والآرامية واليونانية التي أعد بها كتاب العهد الجديد.
ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عام 610 م برسالة التوحيد، وتلقى من ربه قرآناً كريماً حيث يقول الله سبحانه: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء 192 - 195] وحفظه الله مصداقاً لقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] هذا القرآن نزل مصدقاً للتوراة والإنجيل اللذين نزلا على موسى وعيسى عليهما السلام، فضلاً عن

الصفحة 31