كتاب مسائل حرب الكرماني من أول كتاب الصلاة - ت الغامدي
[2] باب حَدِّ رَفْع اليدين في الافتتاح
4 - سألتُ أحمد بن حنبل قلتُ: إلى أين يرفع يديه: عَنيتُ في الافتتاح؟
قال: قد رُوي عن ابن عمر (¬1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنَّه رفع إلى المَنكِبين) (¬2).
وقال أحمد: ارفع إلى فروع الأُذنين (¬3). يذهب إلى حديث مالك بن الحُويرث (¬4) (¬5).
قلتُ: فيُجاوز بهما شحمة أُذنيه؟ قال: أرجو أن يُجزئ. (¬6)
¬_________
(¬1) عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عبد الرحمن، أحد المكثرين من الصحابة، والعبادلة، وكان من أشد الناس اتباعًا للأثر، مات سنة ثلاثٍ وسبعين, في آخرها، أو أول التي تليها. ع. ينظر: ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، مرجع سابق، 3490.
(¬2) رواه البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، ح 735، 736، 738، كتاب الأذان، باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء، 148، ومسلم، صحيح مسلم، مرجع سابق، ح 390، كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام، 1/ 292.
ولفظ الحديث عند البخاري: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا , وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود).
(¬3) فروع أذنيه: أي أعاليهما وفرع كل شيء: أعلاه.
ينظر: مادة (فرع) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث، مرجع سابق، 3/ 436, محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ط 2، 4 (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1392 هـ)، 95.
(¬4) نقل هذه المسألة عن حرب ابن القيم في كتاب رفع اليدين.
ينظر: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية، رفع اليدين في الصلاة، ط 1 , تحقيق: علي العمران , (مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، 1431 هـ)، 286.
(¬5) رواه مسلم، صحيح مسلم، مرجع سابق، ح 391، كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام، 1/ 293، ولفظه: (أن مالك بن الحويرث رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حتى يحاذي بهما فروع أذنيه).
ومالك بن الحويرث - بالتصغير - أبو سليمان الليثي، صحابي، نزل البصرة، مات سنة أربعٍ وسبعين. ع. ينظر: ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، مرجع سابق، 6433.
(¬6) اختلفت الرواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - في حَدِّ رَفْع اليدين في الصلاة فنُقل عنه أربع روايات:
الأولى: أنه يرفع يديه إلى حذو منكبيه. وهذه الرواية نقلها الكوسج، ونقلها القاضي أبو يعلى عن الجماعة، وعن الأثرم، ونقلها ابن القيم عن صالح، وابن هانئ، وذكر صاحب المبدع أن هذه الرواية اختارها الأكثر وإليها ميل الإمام أحمد لكثرة من روى ذلك من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقربهم منه. وعليها المذهب عند المتأخرين.
الثانية: أنه يرفع يديه إلى فروع أذنيه. وهذه الرواية نقلها أبو داود، ونقلها القاضي أبو يعلى عن أبي الحارث الصائغ، ونقلها ابن القيم عن الفضل بن زياد.
الثالثة: مخيرٌ بين رفعهما إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه. كما في مسائل حرب (23)، ونقلها ابن القيم عن أبي طالب، قال ابن مفلح: "وهي أشهر".
الرابعة: يرفع يديه إلى صدره.
ينظر: إسحاق بن منصور المروزي الكوسج، مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، ط 1 , تحقيق: محمد عبد الله الزاحم ,المدينة المنورة 1412 هـ, دار المنار ,187، أبو داود، مسائل الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق، 234، محمد بن الحسين الفراء: القاضي أبو يعلى، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، تحقيق: عبد الكريم اللاحم، 1 (الرياض: مكتبة المعارف، 1405 هـ)، 114 - 115, ابن قدامة المقدسي، المغني، مرجع سابق، 2/ 136, ابن تيمية، شرح العمدة، مرجع سابق، 48, ابن القيم، رفع اليدين، مرجع سابق، 284 - 292, ابن مفلح المقدسي، الفروع , مرجع سابق، 2/ 167, شمس الدين محمد بن عبد الله المصري الزركشي، شرح الزركشي على مختصر الخرقي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، 1 (طبع على نفقة عبد العزيز الجميح)، 540, إبراهيم بن محمد بن مفلح المقدسي، المبدع في شرح المقنع، 1 (بيروت: المكتب الإسلامي، 1980 م)، 431, علاء الدين أبو الحسن علي المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف , تحقيق: عبد الله التركي , 3 (الرياض: دار عالم الكتب، 1419 هـ) 418, البهوتي، دقائق أولي النهى، مرجع سابق، 1/ 375, البهوتي، كشاف القناع، مرجع سابق، 2/ 291.
فائدة: اختلف الأصحاب بماذا تحصل المحاذاة على وجهين:
الوجه الأول: أنها تحصل بطرف اليد وهو رؤوس الأصابع. واختار هذه الرواية القاضي أبو يعلى والموفق ابن قدامة.
الوجه الثاني: أنها تحصل بتوسط اليد وهو أصول الأصابع عن الكف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الصحيح المنصوص عن أحمد وقد سأله أبو الحارث: إلى أين يرفع يديه؟ قال: يرفعهما إلى فروع أذنيه. وقال: الذي أختار أن يجاوز بهما أذنيه. قال: ورأيت أبا عبد الله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يجاوز بهما أذنيه، فقد نص صريحًا إذا قلنا: يرفعهما إلى أذنيه على مجاوزة الأذنين، ومعلوم أنه لا يجاوزهما بكفه, لأن ذلك لم يقله أحد، فعلم أنه جاوزهما برؤوس الأصابع ... ".
ينظر: أبو يعلى، الروايتين والوجهين، مرجع سابق، 1/ 114, ابن قدامة المقدسي، المغني، مرجع سابق، 2/ 137, ابن تيمية، شرح العمدة، مرجع سابق، 53 - 56, ابن القيم، بدائع الفوائد، مرجع سابق، 3/ 975 و 980, ابن مفلح، الفروع، مرجع سابق، 2/ 168, المرداوي، الإنصاف، مرجع سابق، 3/ 420.
الصفحة 5
306