كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 2)

يونس بن متَّى؛ فقد كذب"؛ فإن فيه من هو كثير الخطإ، لكني قوَّيته بطريق أخرى؛
كما سترى. ومثله الحديث (1312): "إذا مرض العبد ... ".
وهذه الطريقة في تقوية الحديث بالطرق قد جريتُ عليها في سائر كتبي، وبخاصة منها "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، مع مراعاة الشرط المعروف في ذلك، وهو السَّلامة من متروك أو متَّهَم، وبذلك أنقذتُ مئات الأحاديث من الضَّعف الذي يقتضيهِ بعضُ أسانيدها؛ مثل كتابي "صحيح الجامع الصغير"، و"صحيح التَّرغيب والتَّرهيب"، و"صحيح سُنن ابن ماجه"، وسائر "السنن" الأربعة التي قام بطبعها صاحب المكتب الِإسلامي بتكليف من "مكتب التربية العربي لدول الخليج" دون علم منِّي، جعله يتصرَّف فيها تصرُّفاً كأنه المؤلِّف لها، وتلاعَبَ ببعض مقدِّماتها زيادةً ونقصاً حسبَ هواه، فأفسد بذلك كثيراً من عملي وتحقيقي، ولشرح ذلك مجالٌ آخر إن شاء الله تعالى.
وهذه الطريقة قلَّ من يعرفها أو يطرقها من الناشئين في هذا العصر، بحيث إن أحدهم نادراً ما يُقوِّي حديثاً طُرُقُه ضعيفةٌ، كأنَّه لم يقرأ أو- على الأقل- لم يسمع بالحديث الذي يقول فيه التِّرمذيُّ: "حديث حسن"، وبتعريفه إيَّاه في آخر "سننه"! وبما يسمِّيه العلماء في علم الحديث بـ "الحديث الحسن لغيره"، فكم من أحاديتَ ضعَّفوها بجهلهم هذا!! وأكثر مَن يردُّ علينا في هذا المجال من هؤلاء. والله المستعانُ.
أعودُ إلى أحاديث هذا "الصحيح"، فأقول:
لا بُدَّ لي من كلمة حقٍّ أُبديها أداءً للأمانةِ العلميَّة، وتَبْرِئةً للذِّمَّة، وهي أنَّ الباحث الفقيه لا يسَعُهُ إلا أن يعتَرِفَ بحقيقةٍ علميَّة، عبَّر عنها الِإمام الشافعي رحمه

الصفحة 5