كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 3)

رَأْسَها، فلمَّا كلَّمَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: أَعوذُ باللهِ مِنْكَ. فقالَ: قدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي. فقالُوا لها: أتَدْرينَ مَنْ هذا؟ قالتْ: لا. قالوا: هذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جاءَ لِيَخْطُبَكِ. قالتْ: كُنْتُ أَنا أَشْقى مِنْ ذلكَ (9)، فأقْبَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ حتَّى جَلَسَ في سقِيفَةِ بني ساعِدَةَ هُوَ وأَصْحابُهُ، ثمَّ قالَ: أَسْقِنا يا سَهْلُ! فخَرَجْتُ لهُمْ بهذا القَدَحِ، فأسْقَيْتُهُمْ فيهِ (وفي روايةٍ: فشَرِبَ - صلى الله عليه وسلم - منهُ، وعن يمينِهِ غُلامٌ، أصْغَرُ القومِ، والأشياخُ عن يسارِهِ، فقالَ: يا غُلامُ! أَتَأْذَنُ لي أَنْ أُعطِيَهُ الأَشْياخَ؟ قالَ: [لا واللهِ 3/ 139]، ما كنتُ لأوثِرَ بِفَضْلي (وفي أخرى: بنَصيبي 3/ 138) مِنْكَ أحداً يا رسولَ اللهِ! فأَعْطاهُ إِيَّاهُ 3/ 74)، (وفي الأخرى: فَتَلَّهُ في يَدِهِ) (10)، فأَخْرَجَ لنا سهْلٌ ذلكَ القَدَحَ، فشَرِبْنَا منهُ. قالَ: ثمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ بعدَ ذلكَ، فوَهَبَهُ لهُ.
2210 - عن عاصمٍ الأحْوَلِ قالَ: رأَيْتُ قدَحَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ أَنَسِ بنِ مالكٍ [وشَرِبْتُ فيهِ 4/ 47]، وكانَ قدِ انْصَدَعَ فسَلْسَلَهُ بفضةٍ [مكانَ الثَّقْبِ] (11). قالَ: وهُو قَدَحٌ جيِّدٌ عَريضٌ (12) مِن نُضارٍ. قالَ: قالَ أنَسٌ: لقدْ سَقَيْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذا القَدَحِ أكْثَرَ مِن كذا وكذا.
__________
(9) ليس أفعل التفضيل هنا على بابه، وإنما مرادها إثبات الشقاء لها لما فاتها من التزوّج برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(10) أي: دفعه.
واعلم أن هذا الحديث كحديث أنس المتقدم برقم (3/ 130) في بطلان دعوى أن البدء به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لأنه كبير القوم؛ فإن فيه أيضاً أن ذلك إنما كان لأنه طلب السقيا، ولذلك؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما صار هو الساقي؛ أعطى أصغر القوم، ولم يعط أحد الأشياخ، وأما حديث: "كان إذا سقى قال: ابدؤوا بالكبير"؛ فهو محمول على ما إذا كانوا جالسين بين يديه كلهم، أو عن يساره؛ كما بينته في "الصحيحة" (2471).
(11) هو الصدع.
(12) هو الذي ليس بمتطاول، بل يكون طوله أقصر من عمقه. (من نضار)؛ أي: الخالص من العود.

الصفحة 474