كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 3)

مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ , وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ [بعدَما نزلوا 6/ 6] مُوغِرِين (76) (وفي روايةٍ: مُعَرِّسِينَ) (77) فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، وَهُمْ نُزُولٌ قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ: ابْنَ سَلُولَ.
قَالَ: عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ.
وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلاَّ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِى نَاسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ؛ غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّ كُبْرَ (78) ذَلِكَ يُقَالُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ.
قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ: إنَّه الذي قالَ:
فإنَّ أبي ووالِدَهُ وعِرْضي ... لعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقاءُ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ (79) حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى (وفي
__________
(76) أي: داخلين في الوغرة، وهي شدة الحر، وعبر بلفظ الجمع موضع التثنية.
(77) قلت: ولعلها خطأ.
(78) بضم الكاف وكسرها؛ أي: وإن متولى معظمه.
(79) أي: مرضت. (يفيضون): يخوضون. (يريبني): يوهمني؛ من رابه وأرابه؛ إذا أوهمه وشككه. (اللطف): الرفق، وروي بفتحتين. (نقهت): بفتح القاف وكسرها؛ أي: أفقت من المرض.

الصفحة 54