كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 3)
بَرِيرَةُ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ؛ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا (وفي المعلقةِ: عَيْباً) قَطُّ أَغْمِصُهُ (84)؛ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ (85) فَتَأْكُلُهُ، [وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اصْدُقِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ (86)، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ].
قالتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ (87) مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وهو على المنبر, فقال:
«يا معشرَ المسلمينَ! مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قد بَلَغَنِى عنهُ أَذَاهُ فِى أَهْلِى؟ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا (وفى روايةٍ: ما تُشِيرُونَ عليَّ في قومٍ يسبّونَ أهلى؟ 8/ 163]، وَلقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى».
(وفي روايةٍ معلقةٍ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِىَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:
«أَمَّا بَعْدُ؛ أَشِيرُوا عَلَىَّ فِى أُنَاسٍ أَبَنُوا (88) أَهْلِى، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى مِنْ سُوءٍ [قط]، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ؟ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلاَ يَدْخُلُ بَيْتِى قَطُّ إِلاَّ وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلاَ غِبْتُ فِى سَفَرٍ إِلاَّ غَابَ مَعِى»)، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ [الأنصارىُّ] أخو بنى عبدِ الأشْهِلِ ,
__________
(84) أي: أعيبها به.
(85) (الدَّاجِن): ما يألف البيوت من الشاء والحمام ونحوه، والجمع: دواجن.
(86) أي: صرحوا لها بالأمر.
(87) فاستعذر؛ أي: قال: من يعذرني؛ ومعناه: من يقوم بعذري إن كافأته على قبح فعاله ولا يلومني؛ أو من ينصرني؟
(88) أي: اتهموا.
الصفحة 57