كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 3)

بِأَلْسِنَتِكُمْ} (101)، وتقولُ: (الوَلْقُ): الكَذِبُ.
قالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: وكانَتْ أعلَمُ مِن غيرِها بذلكَ؛ لأنّهُ نَزَلَ فيها.
1752 - عن عُروةَ قالَ: ذهبتُ أسُبُّ (وفي روايةٍ: سبَبْتُ) حسانَ عندَ عائشةَ -[وكانَ ممَّنْ كَثَّرَ عليها]- فقالتْ: لا تَسُبَّهُ؛ فإنَّه كانَ يُنافحُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم.
قَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ؛ قَالَ:
«كَيْفَ بِنَسَبِى؟!».
قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ.
1753 - عن مسروقٍ قالَ: دَخَلْنا على عائشةَ رضيَ اللهُ عنها وعندَها حسَّانُ ابنُ ثابتٍ يُنْشِدُها شعراً؛ يُشَبِّبُ بأبياتٍ لهُ، وقالَ:
حَصَانٌ (102) رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِل
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ! قَالَ: مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِيني لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؟! فقالتْ: وأيُّ عذابٍ أشدُّ مِن العَمى؟! قالتْ لهُ: إنَّه كانَ يُنافحُ -أو يُهماجِي- عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(101) من ولق الرجل إذا كذب؛ قال الحافظ: "لكن القراءة المشهورة بفتح اللام وتشديد القاف من التلقِّي، وإحدى التاءين فيه محذوفة".
(102) قوله: "حصان"؛ أي: عفيفة. (رزان)؛ أي: صاحبة الوقار. (ما تزن)؛ أي: ما تتهم. (بريبة)؛ أي: بتهمة. (غرثى)؛ أي: جائعة من لحوم العفيفات؛ يعني: لا تغتاب الناس. قوله: "وأي عذاب أشد من العمى"؛ أي: على فرض شمول الآية لحسان، وإلا فهي في ابن أبيٍّ كما مر.

الصفحة 63