كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 3)

إلى خيبرَ، فسِرْنا ليلًا، فقالَ رجلٌ مِن القومِ لعامِر [بنِ الأكوعِ 7/ 107]: يا عامِرُ! ألا تُسْمِعُنا مِن هُنَيْهَاتِكَ (119)؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ [يذَكِّرُ] يَقُولُ:
اللَّهُمَّ! لَوْلاَ أَنْتَ (وفى روايةٍ: تا اللهِ لولا اللهُ) مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا (وفى روايةٍ: اقْتَفَيْنا) ... وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْناَ ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا (120)
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟». قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». قَالَ رَجُلٌ (121) مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ (122) يَا نَبِىَّ اللَّهِ!، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ! فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ , حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شديدةٌ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانُا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ؟». قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ؟». قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ: النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم
__________
(119) أي: من أراجيزك،، ويُروى: "من هنياتك"، بتشديد التحتية.
(120) أي: إذا دُعينا إلى غير الحق امتنعنا. وروي: "أتينا" بالفوفية بدل الموحدة؛ أي: إذا دُعينا إلى الحق جئنا.
(121) وفي "المسند" (4/ 52) من طريق أخرى: "قالَ: غفر لك ربك، قالَ: وما استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال". وسنده حسن. قال الحافظ: "وبهذه الزيادة ظهر السر في قول الرجل: لولا أمتعتنا به".
(122) يعني: أنه يرزق الشهادة بدعائك له، ووجبت الجنة فضلاً من ربه.

الصفحة 70