كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 3)
وأبْشِرا، فأخذَا القَدَحَ، ففَعَلا، فنادَتْ أمُّ سَلَمَةَ مِن وراءِ السِّتْرِ: أنْ أفْضِلا لأمِّكُما، فأفْضَلا لها منهُ طائفةً.
1806 - عن عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ قالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ؛ قَسَمَ فِى النَّاسِ فِى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا (154) إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ:
«يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِى؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِى؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِى؟»، كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ: «مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم؟». قَالَ: كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ:
«لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ؟! لَوْلاَ الْهِجْرَةُ، لَكُنْتُ امْرَأُ مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا؛ لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ».
1807 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ؛ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةُ آلاَفٍ وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِىَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فقالَ:
"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! ". قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! [وسَعْدَيْكَ، لبَّيْكَ 5/ 105]
__________
(154) أي: حزنوا. وقوله: "وعالة"؛ أى: فقراء لا مال لكم. و (الشعار): هو الثوب الذى يلي الجلد. و (الدثار): ما يجعل فوق الشعار؛ أى: أنهم بطانته وخاصته. وقوله: "أثرة" بهذا الضبط , وبضم الهمزة وسكون المثلثة؛ أى يستأثر عليكم بما لكم فيه اشتراك من الاستحقاق.
الصفحة 90