كتاب مختصر صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 4)

كان مشغولاً بما تحت يده فطلب التأجيل فترة، فبادرت لإعداد الفهرس الخاص بهذا المجلد، ثم صنعت الفهارس التفصيلية العامة التي أشار عليّ الوالد بها، وأنهيتُ ما أَوكل إليّ، منتظرة تقديمه له ليبدي ملاحظاته وتوجيهاته، ومن ثَم موافقته.
في تلك الأثناء طُرح مشروع البدء بإعداد بقية مجلدات "صحيح الترغيب والترهيب" و "ضعيفه" للطبع، فبدا للوالد رحمه الله إعادة النظر مجدَّداً في تحقيقه لهما لأسباب ذكرها في مقدمتيهما، فانكبّ على ذلك باذلاً كلَّ جهده، صارفاً جلَّ وقته، حتى كان له ذلك، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وقد تطلّب هذا الأمر التوقف عن متابعة العمل في "مختصر البخاري"، واستلامي "صحيح الترغيب" و"ضعيفه" بتحقيقه الجديد من الوالد تِباعاً، والانصراف إلى تنسيقه، وتصحيح تجاربه، ثم إعداد فهارسه ... ومرت بضع سنين ...
كنت حريصة جداً على أن يكتمل "مختصر البخاري" بفهارسه كلها تحت إشراف الوالد ومتابعته؛ ليحقق أمنيته؛ إلا أن الله عزَّ وجلَّ شاء أن يدخل الوالد فترة مرضه الأخير، وتراوحت بين شدة ويسر، لكن الله أنعم عليه أنه لم ينقطع عن نشاطه العلمي إلا فترات قصيرة؛ وبين ترددي وعلمي بحاله من الضعف والمرض، وانشغاله بما تحت يده من "السلسلتين" وغيرهما؛ عرضتُ عليه أن يطّلع على فهرس الأبواب والأحاديث لهذا المجلد فاعتذر موكِلاً الأمر إليّ، فارتدَدْتُ أمنّي النفس بفرصة أخرى تكون أفضل.
ولم تأتَ هذه الفرصة ... قدَرُ الله وما شاء فعل ... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عدتُ لألملم شتات نفسي، وأجمع أوراقي ...
أحسستُ بثقل المسؤولية .. لا يزال أمامي شوط بعيد، والأمانة بين يدي .. من يجيب عن أسئلتي؟ من يبين لي استفساراتي؟ من ينظر في اقتراحاتي فيقبلها مغتبطاً شاكراً، أو يردّها -بالحق- لا مجاملًا ولا محابياً؟ مَن ... ومَن ... ؟!
أفتقدُك يا أبت في اليوم مرات ومرات ... فأحزن لفراقك، وأسعد بذكراك ...
ولما كان "أمر المؤمن كله خير" فقد قدّر الله لي أن أتولى العمل فيه بالكامل، على النهج الذي يريده والدي ويُرضيه -إن شاء الله-، وأن أجتهد وأبذل أقصى ما أستطيع .. ولم يكن العمل سهلاً .. ، ولكنّه يسير على من يسّره الله عليه.
كان لي في "صحيح البخاري" نفسه، وفي "فتح الباري" نِعْمَ العون والمرجع، وفي آثار والدي وكتبه المختلفة -وبخاصة هذا "المختصر"-، وتوجيهاته الخير الكبير؛ أسألها فتجيبني، وتُبين لي ما عسُر عليّ فهمه، وتجلّي لي ما أشكل علي من أسئلة واستفسارات، وقبل كل ذلك كان الله لي نِعْمَ المولى ونعم النصير.
ولو كان الأمر بيدي، والوقت مُلكي؛ لزدت الكتاب خدمةً وإتقاناً، ولكن لا بد له من

الصفحة 4