كتاب مشكل الحديث وبيانه

{لَا تحزن إِن الله مَعنا}
وكما قَالَ {أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ} على معنى النُّصْرَة والمعونة وَذَلِكَ أَن مَعَ فِي الْكَلَام يحْتَمل وُجُوهًا
أَحدهَا بِمَعْنى الصُّحْبَة فِي الْبقْعَة والمجاورة لمن فِيهَا وَذَلِكَ لَا يَلِيق بِاللَّه سُبْحَانَهُ
وَيكون أَيْضا بِمَعْنى الْعلم كَمَا قَالَ {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم}
وَالْمعْنَى فِيهِ أَنه عَالم بكم سامع لكلامكم رَاء لأعمالكم وأشخاصكم وَذَلِكَ جَائِز فِي وَصفه ويشمل الْكَافِر وَالْمُؤمن
فَأَما إِذا قيل إِنَّه مَعَ الْمُؤمن تَخْصِيصًا بِمَعْنى النُّصْرَة والمعونة فَيكون معنى الْخَبَر أَن الله تَعَالَى يكرم نبيه مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأبلغ الكرامات حَتَّى يقعده فِي أرفع المقاعد عِنْده وَهُوَ مَعَه بالنصرة والمعونة والمقاعد المقربة من الله تَعَالَى مقامات الطَّاعَات ودرجات الكرامات دون مَا هُوَ من طَرِيق الصُّحْبَة فِي الْمَكَان والمجاورة لمن فِيهِ

الصفحة 340