كتاب مشكل الحديث وبيانه

ذكر خبر آخر وتأويله

فَإِن قَالَ قَائِل فَمَا تَقولُونَ فِيمَا روى الشّعبِيّ
إِن الله مَلأ الْعَرْش حَتَّى أَن لَهُ أطيطا كأطيط الرحل الْجَدِيد قَائِلا هَكَذَا وَوضع إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى قَالَ وَوضع حَمَّاد سَاقه على ركبته الْيُسْرَى
قيل معنى قَوْله مَلأ الْعَرْش يحْتَمل أَن يكون المُرَاد ملأَهُ عَظمَة ورفعة وَعزة وآلاء وَهَذَا كَمَا قَالَ عز وَجل {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها}
وَالْأَمَانَة لَيست بجسم
فَأَما معنى قَوْله هَكَذَا فَيحْتَمل أَن يُقَال أَرَادَ بِهِ التجبر وَالْعَظَمَة الَّتِي لَا يجوز لغيره
وَأما معنى وضع حَمَّاد سَاقه على ركبته الْيُسْرَى فَلَيْسَ على معنى إِثْبَات الْجَارِحَة وَالْإِشَارَة إِلَى مَعْنَاهَا بل إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنه هُوَ الْمُنْفَرد بِمثل هَذِه العظمة وَأَنه العالي المستوى على كل مَا خلقه
وَأعلم أَنه سَائِغ فِي الْكَلَام أَن يُقَال
مَلَأت قَلْبك فَرحا وغما وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ امتلاء من طَرِيق شغل الْمَكَان من جِهَة المساحة

الصفحة 341