كتاب مشكل الحديث وبيانه

أَنه كَانَ فِي حَال رُؤْيَته لله عز وَجل فِي بَاب الثَّبَات وَالْقُوَّة والتمكين من حَاله من حَيْثُ لم تستفزه هَذِه الْحَال وَلَا أزعجته وأوهنته كَمَا يكون الْمَذْكُور فِي الْخَبَر على تِلْكَ الْهَيْئَة فِي أتم أَحْوَاله وأقواها وَتَكون الْفَائِدَة فِيهِ مَا خصّه الله عز وَجل بِهِ من التَّمْكِين فِي تِلْكَ الْحَالة وَإِذا احْتمل هَذَا الْكَلَام هَذِه الْمعَانِي وَكَانَت مفيدة إِذا حمل عَلَيْهَا الْمَعْنى الصَّحِيح كَانَ حمله عَلَيْهَا أولى من حمله على مَا لَا يَلِيق بِاللَّه عز وَجل
فَإِن قَالَ قَائِل فَلم لاتجعلون هَذِه الْأَوْصَاف صِفَات لله عز وَجل ثمَّ تجرونها مجْرى الصِّفَات الَّتِي ورد بهَا الْكتاب كَالْيَدِ وَالْعين وَالْوَجْه
قيل لَا لأمور
أَحدهَا أَن هَذِه أَخْبَار لم ترد المورد الَّذِي يقطع الْعذر وَمَعَ ذَلِك فَفِيهَا مَا عللت طرقه من جِهَة الرِّوَايَة فِي الْآحَاد أَيْضا وَإِنَّمَا يقبل خبر الْوَاحِد فِيمَا طَرِيقه طَرِيق الْعَمَل على الظَّاهِر دون الْقطع على الْبَاطِن وَمَا جرى هَذَا المجرى من الْأَحْكَام فَإِن طريقها الإعتقاد وَالْقطع وَلَا يُمكن الْقطع بأمثال هَذَا الْأَخْبَار وتجويز هَذِه الْأَوْصَاف من صِفَات الله عز وَجل من هَذِه الطَّرِيقَة لَا يَصح وَإِنَّمَا خرجناها على بعض هَذِه الْوُجُوه الَّتِي ذَكرنَاهَا لِئَلَّا يَخْلُو نقلهَا من فَائِدَة وَأَن لَا يكون وُرُودهَا بِلَا وُرُود وَأَن لَا تكون مُسَاوِيَة لمن أبطلها وعطلها وَإِذا أمكن ترتيبها وتخريجها على مَا بَينا كَانَ فِيهِ إِظْهَار فائدتها وإبانة مَعَانِيهَا على الْوُجُوه الَّتِي تصح وتليق بِهِ وَلذَلِك حملناها على مَا ذكرنَا دون مَا قَالُوهُ

الصفحة 367