كتاب مشكل الحديث وبيانه

بدل الْقدَم الرجل وَأكْثر أَلْفَاظ هَذَا الْخَبَر بِذكر الْقدَم وَأَنه يضع فِيهَا قدمه وَلَا يَخْلُو الْكَلَام فِيهِ من ثَلَاثَة أوجه
إِمَّا أَن يكون على معنى إِضَافَة الصّفة إِلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا يمْنَع مِنْهُ الْخَبَر لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَيَضَع فِيهَا قدمه وَقدم الصّفة لَا يجوز وصفهَا بِالْوَضْعِ فِي الْمَكَان وَأما قدم الْجَارِحَة فمما لَا يَلِيق بِاللَّه سُبْحَانَهُ لإستحالة أَن يكون أَجزَاء مبعضة وأجساما متركبة وَقد بَينا فَسَاد ذَلِك فِيمَا قبل فَلم يبْق إِلَّا أَن معنى الْقدَم الَّذِي أضيف إِلَيْهِ فِي هَذَا الْخَبَر بِمَعْنى الْخلق وَالْملك على أحد الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرنَا تأويلهما أَو على معنى مَا قَالَه النَّضر بن شُمَيْل أَن ذَلِك على معنى مَا تقدم فِي علم الله مِمَّن يكفر بِهِ من خلقه
وَعَلِيهِ يتَأَوَّل قَول من روى فِي هَذَا الْخَبَر
حَتَّى يُدْلِي فِيهَا رب الْعَالمين قدمه فتنزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ
وَذَلِكَ بإدلاء الْخلق فِيهَا وهم الْقدَم على معنى أَنهم هم الَّذين تقدم لَهُم الْعلم من الله جلّ ذكره أَنهم يدْخلُونَهَا
وَلم يذكر صَاحب هَذَا التصنيف فِي الْبَاب الَّذِي تَرْجمهُ بِالرجلِ ذكر الْقدَم سوى مَا ذكر فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الْخَبَر من الرَّاوِي على طَرِيق الشَّك حَتَّى يضع قدمه فِيهَا أَو رجله
فَبَان ذَلِك أَنه عدل عَن الصَّوَاب وأوهم الْخَطَأ بترجمته الْبَاب بِمَا لَيْسَ فِيهِ

الصفحة 386