كتاب مشكل الحديث وبيانه

{فَأتى الله بنيانهم من الْقَوَاعِد}
وَالْأَصْل فِي ذَلِك ثُبُوت اللَّفْظَة بِنَصّ فِي كتاب الله أَو سنة من طَرِيق موثوق بهَا ثمَّ يرتب عَلَيْهَا التَّأْوِيل
فَأَما شَيْء لم يثبت من طَرِيق صَحِيح لفظ الْقعُود فِي سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا وَجه للتعليق بِهِ وَقد ذكرنَا عَن مُجَاهِد فِيمَا قبل تَأْوِيله لقَوْله تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
أَنه يقعده على الْعَرْش مَعَه وَلم يُنكر إقعاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْعَرْش تأويلنا لَفْظَة مَعَه على مَا يَلِيق بِهِ من معنى النُّصْرَة والمعونة لِأَنَّهَا لَفْظَة مُشْتَركَة مستعملة فِي معنى الْعلم كَقَوْلِه {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} بِمَعْنى النُّصْرَة
وَكَقَوْلِه {إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا}
وَأما الَّذِي يكون بِمَعْنى الْمُجَاورَة فَلَا يَلِيق بِهِ جلّ ذكره

الصفحة 392