كتاب مشكل الحديث وبيانه

فصل

الْجَواب عَن ذَلِك

أعلم إِنَّمَا ذكرنَا أَلْفَاظ هَذِه الْأَخْبَار وانتقيناها من مَجْمُوع كَلَامه لنرى لَا حجَّة لَهُ فِيهِ على مَا قَالَ ثمَّ نبين بعد ذَلِك تَأْوِيل مَا كَانَ فِيهِ مُشكلا من اللَّفْظ وَتظهر صِحَة مَعْنَاهُ على الْوَجْه الَّذِي يَلِيق بِاللَّه جلّ ذكره وَلَا يُؤَدِّي إِلَى تَشْبِيه بخلقه
وَقد ذكرنَا فِيمَا قبل بعض هَذِه الْأَلْفَاظ وَبينا تَأْوِيله وَطَرِيق تَخْرِيجه وَتَفْسِيره على الْوَجْه الصَّحِيح وَلَكنَّا نذْكر الْآن مالم يضمنهُ كلامنا قبل ليَكُون مَا نذْكر مَعَ مَا سبق ذكره جَامعا لما يَهْتَدِي بِهِ إِلَى تَأْوِيله على الْوَجْه الصَّحِيح
فَأَما مَا ذكره هَذَا الْقَائِل من أَن بعض أهل الْكتاب وَالْمُنَافِقِينَ يرَوْنَ الله عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة رُؤْيَة إمتحان وإختبار لَا رُؤْيَة فَرح وإبتهاج إحتجاجا بِهَذَا الْخَبَر فَلَا دَلِيل فِيهِ وَذَلِكَ أَن أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث تَدور على ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا مَا قيل فِيهِ فكشف عَن سَاق ويخرون لَهُ سجدا وَلَيْسَ فِي ذَلِك ذكر اللِّقَاء وَلَا إِثْبَات رُؤْيَة الْمُنَافِقين وَقد فسرنا معنى قَوْله {يكْشف عَن سَاق} على مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ
يكْشف عَن سَاق عَن شدَّة أَو يكْشف عَن أَمر عَظِيم يُرِيد بِهِ هَؤُلَاءِ من أهوال الْقِيَامَة وَلم يذكر فِي هَذَا الْخَبَر رُؤْيَة الْكفَّار لله عز وَجل

الصفحة 412