كتاب مشكل الحديث وبيانه

فَإِن الْيَمين هَهُنَا بِمَعْنى النِّعْمَة وَالْفضل وَذَلِكَ بفضله فِي الْقبُول وتضعيف الثَّوَاب عَلَيْهَا وَالْمرَاد بالكف الْقُدْرَة أَيْضا كَمَا قَالَ الْقَائِل
هون عَلَيْك فَإِن الْأُمُور بكف الْإِلَه مقاديرها
وَمثله مَا روى نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ على الْمِنْبَر {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ}
قَالَ مطوية فِي كَفه يَرْمِي بهَا كَمَا يَرْمِي الْغُلَام بالكرة
فَهَذَا يرجع أَيْضا إِلَى معنى الْقُدْرَة والقبضة يرجع مَعْنَاهَا إِلَى الْملك كَقَوْل الْقَائِل مَا هَذَا الدَّار إِلَّا فِي قبضتي وَلَيْسَ يُرِيد قَبْضَة الْجَارِحَة وَكَذَلِكَ معنى مَطْوِيَّات فانيات من قَوْلك اطو هَذَا الْأَمر والْحَدِيث يَعْنِي أفنه أَي أسكت واقطعه فَقدر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الْمعَاد فِي نفوس الْمُشْركين المنكرين لَهُ وَأَن ذَلِك مِمَّا لَا يُنكر فِي قدرته وَكَذَلِكَ شبهه برمي الْغُلَام بالكرة فَهَذَا يرجع أَيْضا إِلَى معنى الْقُدْرَة تَحْقِيقا لما أَرَادَ من معنى الْقُدْرَة
فَأَما مَا روى أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ
يَد الله ملأى لَا ينقصها نَفَقَة سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار مذ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِن ذَلِك لم ينقص مِمَّا فِي كف الله شَيْئا وَالْيَد الْأُخْرَى فِيهَا الْمِيزَان يخْفض وَيَضَع وَيرْفَع
فَيحْتَمل أَن يُقَال إِن المُرَاد بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الصفحة 436