كتاب مشكل الحديث وبيانه

بالنعوت الَّتِي حصلت فِيهَا النُّصُوص والتوقيف وَكَانَت مَعَانِيهَا معقولة ومرتبة على حسب مَا نزلتها الْعُقُول على حسب إختلاف الموصوفين بهَا بعد أَن لَا تخرج عَن حقائقها وحدودها وأحكامها اللَّازِمَة وَلَو وَجب الْوُقُوف فِي مَعَاني هَذِه الْأَلْفَاظ لهَذِهِ الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي وصف الله جلّ ذكره لأجل مَا قَالُوا لزم الْوُقُوف فِي سَائِر وصف الله مِمَّا ورد فِي الْكتاب لمشاركتها لهَذِهِ فِي مثل هَذَا الْمَعْنى فَلَمَّا لم يجز ذَلِك وَكَانَ سَائِر مَا ورد من وَصفه مَحْمُولا على مَا يَصح غير مُتَوَقف فِي مَعْنَاهُ فَكَذَلِك سَبِيل هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت فِي هَذِه الْآثَار
فَإِن قيل إِنَّكُم لَا توجبون الْعلم وَالْقطع بأمثال هَذِه الْأَخْبَار لِأَنَّهَا آحَاد وَمَا فِي مَعَانِيهَا فَكيف تجمعون بَينهَا وَبَين مَا فِي الْكتاب
قيل طَرِيق الْجمع بَينهَا من وَجه آخر وَهُوَ أَنه مِمَّا طلق فِي وصف الله جلّ ذكره وَله معنى صَحِيح مَعْقُول وَإِذا كَانَ أَحدهمَا مَقْطُوعًا بِهِ وَالْآخر مجوزا وَلَيْسَ لإختلافهما فِي طريقهما مَا يُوجب إختلاف حكمهَا فِي جَوَاز الْإِطْلَاق حمل مَعَانِيهَا الْوَجْه الصَّحِيح
فَإِن قيل فَإِذا لم يكن خبر الْوَاحِد مُوجبا للإعتقاد وَالْقطع وَلَيْسَ فِي هَذِه الْأَخْبَار عمل يَقْتَضِي ذَلِك مِنْهَا بِحَسبِهِ فعلى مَاذَا تحملونها
قيل إِنَّهَا وَإِن لم تكن مُوجبَة للْقطع بهَا مقتضية للْعلم فَإِنَّهَا مجوزة مغلبة وَقد يُفِيد الْخَبَر التجويز من جِهَة إِطْلَاق اللَّفْظَة وَقد يُفِيد ذَلِك من طَرِيق الْقطع والإعتقاد وَإِذا كَانَ طَرِيقه تواترا وإجماعا ظَاهرا أَو كتابا ناطقا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الأعتقاد وَالْقطع بِحَسبِهِ

الصفحة 498