كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيها، بخِلافِ الصُّغْرَى. وقال مالكٌ، والشافعيٌّ: هما مَسْنُونانِ في الطَّهارَتَينَ. ورُوِيَ ذلك عن الحسن، في الحَكَمِ (¬1)، ورَبِيعَةَ، واللَّيثِ، والأوْزاعيِّ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرةِ». وذَكَرَ مِنها المَضْمَضَةَ والاسْتِنْشاقَ (¬2). والفِطْرةُ: السُّنَّةُ. وذِكْرُه لَهُما مِنَ الفطرة يَدُلُّ على مُخالفَتِهما لسائِرِ (¬3) الوُضُوءِ. ولأنَّهما عُضْوانِ باطِنانِ، فلم يَجِبْ غَسْلُهما، كباطِنِ اللِّحَيِة وداخِلِ العَينَينِ. ولأنَّ الوَجْهَ ما تَحصُلُ به المُواجَهةُ، ولا تَحْصُلُ المُواجهَةُ بِهِما. ولَنا، ما رَوَتْ عائِشةُ، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «المَضْمَضَةُ والاسْتِنْشاقُ مِنَ الوُضُوء الَّذِى لَابُدَّ مِنْهُ». رَواه أبو بكرٍ فِي «الشّافِي». وعن أبي هُرَيرَةَ، قال: أَمَرَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ. وفي حديثِ لَقِيطِ بنِ صَبِرة (¬4): «إذَا تَوَضَّأَتَ فَتَمَضْمَضْ». رَواه أبو داود (¬5)، وأخْرَجَهما الدَّارَقُطْنِي (¬6). ولأنَّ كل مَن وَصَف وُضوءَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَقْصًى، ذَكَر أنَّه تَمَضْمَض
¬_________
(¬1) أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي الفقيه، صاحب أبي حنيفة، المتوفي سنة تسع وتسعين ومائة. الجواهر المضية 4/ 87.
(¬2) تقدم تخريجه في صفحة 253.
(¬3) في حاشية الأصل بعد هذا: «أعضاء».
(¬4) لقِيط بن صَبِرة بن عبد الله بن المُنْتَفِق العامري، أبو عاصم، عداده في أهل الحجاز روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه، ابنه عاصم. أسد الغابة 4/ 522، 523، الإصابة 5/ 685.
(¬5) في: باب في الاستنثار، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 32. وفيه: «فمضمض».
(¬6) في م: «وأخرجه». وهو. يعني حديث عائشة الذي رواه أبو بكر في «الشافي»، وحديث أبي هريرة، والأول أخرجه الدارقطني، في: باب ما روى في الحث على المضمضة والاستنشاق والبداءة بهما أول الوضوء، من كتاب الطهارة. والثاني أخرجه الدارقطني في: باب ما روى في المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 84، 116.

الصفحة 328