كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضَاعَفَ اللهُ لَهُ الْأجْرَ مَرَّتَينِ». ثم تَحَدَّثَ ساعَةً، ثم دَعا بماءٍ، فتَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا، فقال: «هَذَا وُضُوئِي، وَوُضُوءُ النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي». رَواه سعيدٌ (¬1). وقد ذَكَرْنا حديثَ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ بنَحْو هذا. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ، إلَّا أنَّ مالِكًا لم يُوَقِّتْ مَرَّةً ولا ثَلاثًا. قال: إنَّما قال الله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (¬2). وقال الأوْزاعِيُّ، وسعيدُ بنُ عبدِ العزيزِ (¬3): الوُضُوءُ ثلاثًا ثلاثًا، إلَّا غَسْلَ الرِّجْلَين، فإنَّه يُنَقِّيهِما. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْنا مِن الأحاديثِ، وقد ذَكَرْنا اخْتِلافَهُم في تَكْرارِ مَسْحِ الرَّأْسِ. واللهُ أعلمُ. وإن غَسَل بعضَ أَعْضائِه أكْثَرَ مِن بعضٍ، فحَسَنٌ؛ لأنَّ في حديثِ عبدِ الله بنِ زيدٍ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ فغَسَلَ وَجْهَه ثَلاثًا، ثم غَسَل يَدَيه مَرَّتَين إلى المِرْفَقَين، ومَسَح برَأْسِه مَرَّةً. مُتَّفَقٌ عليه (¬4).
فصل: وتُكرهُ الزِّيادَةُ على الثَّلاثِ، قال أحمدُ، رَحِمَه الله: لا يَزِيدُ على الثَّلاثِ إلَّا رجلٌ مُبْتَلًى. وذلك لِما رُوِيَ أنَّ أعْرابِيًّا سَأَلَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الوُضُوءِ، فأراه ثَلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ (¬5) عَلَى هَذَا فَقَدْ أسَاءَ وظَلَمَ» (¬6). رَواه أبو داودَ، والنَّسائِيُّ، وابنُ
¬_________
(¬1) وأخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 145. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 98.
(¬2) سورة المائدة 6.
(¬3) أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخي، فقيه الشام بعد الأوزاعي، وكان صالحا قانتا، توفي سنة سبع وستين ومائة. العبر 1/ 250.
(¬4) تقدم تخريجه في صفحة 295.
(¬5) عند أبي داود زيادة: «أو نقص».
(¬6) عند النسائي زيادة: «وتعدى». وعند ابن ماجه: «فقد أساء أو تعدى أو ظلم».

الصفحة 367