كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويَحتَمِلُ كذا». والأوَّلُ هو المُقَدَّمُ عندَ المُصَنِّفِ وغيرِه. وقلَّ أن يُوجدَ ذلك التَّخْريجُ أو الاحتِمالُ إلَّا وهو قوْلٌ لبعضِ الأصحابِ، بل غالِبُ الاحتِمالاتِ للقاضي أبي يَعلَى في «المُجَرَّدِ» وغيرِه، وبعضُها لأبي الخَطَّابِ (¬1) ولغيرِه، وقد تكون للمُصَنِّفِ، وسنُبَيِّنُ ذلك إن شاء الله تعالى.
فالتَّخْرِيجُ في مَعنى الاختِمالِ، والاحتِمالُ في مَعنى الوَجْهِ، إلَّا أنَّ الوَجْة مَجْزومٌ بالفُتْيا به. قاله في «المُطْلِعِ». يعنى مِن حيثُ الجُملةُ. وهذا على إطْلاقِه فيه نظر، على ما يأتِي في أواخِرِ كتابِ القضاءِ، وفي القاعِدَةِ آخِر الكتابِ. والاحتِمالُ تَبْيِينُ أنَّ ذلك صالِحٌ لكَوْنِه وَجْهًا، فالتَّخْرِيجُ نقْلُ حكْمِ مسْألَةٍ إلى ما يُشْبِهُها والتَّسْويَةُ بينَهما فيه، والاحتمالُ يكونُ إمَّا لدَليلٍ مَرجُوح بالنِّسْبةِ إلى ما خالفَه، أو لدَليل مساوٍ له، ولا يكونُ التَّخْرِيجُ أو الاحتِمالُ إلَّا إذا فُهِمَ المعنَى. والقوْلُ يشْمَلُ الوَجْه، والاحتِمال، والتَّخْريجَ، وقد يشْمَلُ الرِّوايَةَ، وهو كثيرٌ في كلامِ المُتَقَدِّمين، كأبي بَكرٍ (¬2)، وابنِ أبي موسى (¬3)، وغيرِهما، والمُصطَلَحُ الآنَ على خِلافِه، ورُبَّما يكون ذلك القوْلُ الذي ذكَره المُصَنِّفُ، أو الاحتِمالُ، أو التَّخْرِيجُ، رِوايةً عن الإِمامِ أحمدَ، ورُبَّما كمان ذلك هو المذهبَ، كما سَتراه إنْ شاءَ. اللهُ تعالى مُبَينَّا. وتارةً يذْكُرُ حُكْمَ المسْألَةِ، ثم يقولُ: «وقيل عنه كذا».كما ذكرَه
¬_________
(¬1) أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي، أحد أئمة المذهب الحنبلي وأعيانه. ولد سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. وصنف كتبا حسانا في المذهب والأصول والخلاف. وتوفي سنة عشر وخمسمائة. طبقات الحنابلة 2/ 258، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 116 - 127، العبر 4/ 21.
(¬2) أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال، صاحب التصانيف الدائرة والكتب السائرة، وكانت له حلقة بجامع المهدي، أنفق عمره في جمع مذهب الإِمام أحمد: تصنيفه. توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 12 - 15، العبر 2/ 148.
(¬3) هو أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي القاضي. المتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وكتابه الإرشاد في فروع المذهب. مفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 63.

الصفحة 9